Selasa, 14 Mei 2013

خيار الرؤية ودوره في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي

خيار الرؤية ودوره في أحكام البيوع  في الفقه الإسلامي
أ‌.    مقدمة
نحمد الله المتفرد بالجلال والكمال ، له الفضل ، وله الثناء وإليه المآل ، أحمده – سبحانه وتعالى – حمد الشاكرين المقرين بنعمه {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} ( ) ({أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}( ) فلله الحمد ملء السموات ، وملء الأرض ، وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد .
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا وحبيبنا محمد خاتم الأنبياء ، وسيد الفقهاء، وإمام الأتقياء، النبي الأمي الذي دانت له العلماء ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .. أما بعد:
لا شك أن الفقه الإسلامي من مميزاته وسيماته هو صالح لكل زمان ومكان ، لأنه يستمد أحكامه وأدلته وقواعده من النبع الصافي الذي لا ينضب ولا يكدره شيء، من الشريعة الربانية الخالدة التي اقتضت حكمة الله ومشيئته أن تكون خاتمة للأديان والشرائع السماوية كلها، فما من مجال من المجالات المعاصرة إلا وتجد للشريعة الإسلامية راية ترفع، وكلمة تسمع وهذا يدل على شموليتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان .
و من فضل الله وكرمه وجزيل عطائه أن سهل للناس في هذا العصر سبل الحياة وسخر لهم الوسائل والآلات لخدمتهم ، وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( ).
قال تعالى ( أحل الله البيع وحرم الربا ) فإن مشروعية البيوع أو التجارة واردة منذ زمن صدرالإسلام ومن حقيقته أن البيع الذي شرعه الله هو في الجانب سهل ميسر وفي الجانب الآخر مطابق لصلاحية الزمان والمكان
.
 قد تكلم الإسلام  عن أنواع البيوع وأحكامه وضوابطه بالتفاصيل والدقيق ومن ذلك تكلم الفقهاء عن الخيار وأنواعها مثل خيار الشرط والعيب والمجلس في الكتب الفقهية كثيرة ولما تقدم الناس في تصرفات البيوع والتجارة ( الليكترونية ) وجدوا نوعا آخرا من الخيارات فهو خيار الرؤية. فهذا يحدث كثيرا في عقد البيوع عبر وسائل الإعلام ( اليكترونية ) في عصرنا هذا. وكذلك هل هذا خيار الرؤية له دور في أحكام البيوع كما كان في حكم خيار المجلس والشرط والعيب التي لها دور هام في إثبات أحكام البيع؟ أو له الشبه مع خيار العيب حكما ؟  هذا الموضوع يستحق الدراسة الوافية بما يبين ضوابطه ويزيل غوامضه ويجلي حقائقه.
ورغم وعورة الطريق وقلة المراجع، وتشعب المباحث والمسائل في علوم شتى، إلا أني مضيت متسلحاً بالصبر ومن قبله مستعيناً بالله عز وجل.

ب‌.    أسباب اختيار الموضوع
أما الأسباب الداعية إلى اختيار هذا الموضوع فهي تتخللص في النقات التالية  :
1.    رغبتي لمعرفة هذه المسألة وخدمة للبحث العلمي في ثروة الفقه الإسلامي وتطوره
2.    أهمية هذا الموضوع وحاجة المسلمين إلى معرفته وحكمه لما تقدمت تصرفات الناس في البيوع لأن مسائل البيوع متعلقة بالحلال والحرام وهما من حق الله جل جلاله.
3.     معرفة دور خيار الرؤية في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي
ج. منهج البحث
وأما المنهج الذي سرت عليه في كتابة هذا البحث فهو يتخلص في النقات التالية :
1.    جمع المادة العلمية من المصادر والمراجع وأخلصها باختصار
2.    الحرص على تقديم الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
3.    النقل من أقوال الفقهاء المتقدمين والمتأخرين متعلقة بالموضوع
4.     عرض المسائل والصور لخيار الرؤية وحلها بالنصوص الشرعية والقواعد الفقهية
5.     العناية بقواعد اللغة والإملاء وعلامة الترقيم
6.    ذكر خاتمة البحث في نهايته لإبراز نتائجه
د. حطة البحث
يتكون هذا البحث من مقدمة والتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة
المقدمة        : فيها التمهيد، أهمية الموضوع, أسباب اختيار الموضوع, منهج البحث, وخطته
التمهيد        :
الفصل الأول : تعريف خيار الرؤية وعلاقته بالألفاظ ذات الصلة
المبحث الأول : تعريف خيار الرؤية لغة  
المبحث الثاني : تعريف خيار الرؤية اصطلاحا
المبحث الثالث : علاقة خيار الرؤية بالألفاظ ذات الصلة
المسألة الأولى : علاقة خيار الرؤية بخيار المجلس
المسألة الثانية : علاقة خيار الرؤية بخيار الشرط
المسألة الثالثة : علاقة خيار الرؤية بخيار العيب
الفصل الثاني : خيار الرؤية وصاحبه وسببه ووقته وشروطه ومجالاته وأنواعه
المبحث الأول : صاحب خيار الرؤية
المبحث الثاني : سبب خيار الرؤية
المبحث الثالث : وقت ثبوت خيار الرؤية
المبحث الرابع : شروط خيار الرؤية
المبحث الخامس : مجالات خيار الرؤية
المبحث السادس : أنواع خيار الرؤية 
الفصل الثالث : خيار الرؤية عند مذاهب الفقهاء واختلافهم في تطبيقاته المعاصرة
المبحث الأول : خيار الرؤية عند الحنفية
المبحث الثاني : خيار الرؤية عند المالكية
المبحث الثالث : خيار الرؤية عند الشافعية
المبحث الرابع : خيار الرؤية عند الحنابلة
المبحث الخامس : اختلاف الفقهاء في تطبيقات خيار الرؤية المعاصرة
المسألة الأولى : مسألة البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية حكمه وأنواعه وتصوره ودور خيار الرؤية فيه
الفصل الرابع : أنواع البيوع وأحكامه في الفقه الإسلامي
    المبحث الأول : أنواع البيوع المشروعة
    المبحث الثاني : أنواع البيوع المحرمة
الفصل الخامس  : دور خيار الرؤية في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي
المبحث الأول  :  أن انعدام خيار الرؤية له دور في تحويل بعض البيوع المشروعة إلى البيوع الممنوعة. وله آثار قوية في إثبات صحة البيوع أو عدمه
المبحث الثاني  :    أن خيار الرؤية له دور في نفي الضرر في البيع فيه الغرر اليسير 
المبحث الثالث : : أن خيار الرؤية له دور في تسهيل الناس لعقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.
المبحث الرابع  : أن خيار الرؤية له دور في قطع المعاملات الرباوية والخداعية الفاحشة في البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.


   
    الخاتمة ونتائج البحث
    المفهرس الآيات القرآنية
    المفهرس الأحاديث النبوية 
    المفهرس البحث
    المراجع والمصادر




كلمة الشكر والتقدير
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
و بعد, فهذا هو البحث الذي أعددته، وقد حاولت - قدر المستطاع - الشرح بالوضوح -  معتذرا للقارئ الكريم عما حصل فيه من نقص, إذ الكمال لله - سبحانه وتعالى - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين –
وفي الختام لا يفوتني أن أذكر الفضل لأهله, فأتوجه أولا بالشكر إلى الله - سبحانه وتعالى - الذى من علينا بنعم لا تعد ولا يحصى.
ثم أتوجه بالشكر لمعهد العلوم الإسلامية والعربية بجاكرتا التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بجاكرتا على رعايته لعلوم الشرعية وقيامها عليها خير قيام.
ولا يفوتنا أن نتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة أستاذنا المحبوب والمحترم  الأستاذ محمدون عبد الحميد الماجستير - حفظه الله - المشرف على هذا البحث, والذى بذل جهده ووقته في سبيل تعليمنا و توجيهنا و إرشادنا كيفية كتابة البحث العلمي, ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل ذلك في ميزان حسناته, و يجزيه خير الجزاء, و يكتب ذلك في صحيفة حسناته و يجعله من أعماله الجارية.
كما نشكر كل من أعاننا وساعدنا على إخراج هذا البحث خاصة إلى زوجتي وأسرتي . وكذلك جميع الزملاء و الأصدقاء, سائلا لله - سبحانه وتعالى - للجميع التوفيق لما يحبه و يرضاه من الأقوال و الأعمال إنه سبحانه سميع مجيب.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, و صلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.

جاكرتا ،  مايو 2013م
الباحث

ديرسمونو سوهارتونو
الطالب في قسم الشريعة (المستوى السادس)
   









التمهيد
    علما بأن التقدم في وسائل البيوع وأساليبها وصورها من الضرورة معرفة وتعمق في هذا الموضوع لأهميته في تعامل المجتمعات حاضرا ولاحقا.
    فضلا أن الإسلام اهتم اهتماما كثيرا بمشروعية البيوع وأنواعها وصورها المختلفة لقد ثبت في القرآن الكريم : ( أحل البيع وحرم الربا ) وفي الحديث ( إن الحلال بين وإن الحرام بين ) استنباطا من الدليلين على أن شأن الحلال والحرام في البيوع لا بد من الإيضاج والبيان حتى لا تقع الأمة في المعاملات المحرمة. وإليكم البيان عن ذلك :


الفصل الأول : تعريف خيار الرؤية وعلاقته بالألفاظ ذات الصلة
المبحث الأول : تعريف خيار الرؤية لغة
الخيار الخيار: الاسم من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين: إما إمضاء البيع أو فسخه  في كقوله تعالى {ما كان لهم الخيرة} [القصص: 68]  وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن «المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا، أو يكون البيع خيارا» 
        الرؤية لغة: إدراك الشيء بحاسة البصر، وقال ابن سيده: الرؤية: النظر بالعين والقلب. والغالب في استعمال الفقهاء له هو المعنى الأول، وذلك كما في رؤية الهلال، ورؤية المبيع، ورؤية الشاهد للشيء المشهود به وهكذا. ويقال: رأيته بعيني رؤية ورأيته رأي العين أي حيث يقع البصر عليه كما قال سراقة البارقي :
أري عيني ما لم ترأياه، ... كلانا عالم بالترهات
وقال الجرجاني: الرؤية: المشاهدة بالبصر حيث كان في الدنيا والآخرة.   وقيل بمعنى النظر بالعين وبالقلب. ورأيته رؤية ورأيا وراءة ورأية ورئيانا وارتأيته واسترأيته.والحمد لله على ريتك، كنيتك، أي: رؤيتك.  قيل بمعنى  الرأي مَهْمُوز من قَوْلهم: رَأَيْت رَأيا حسنا. وَفِي التَّنْزِيل: {بَادِي الرَّأْي} وَالله أعلم. والرأي: مُنْتَهى الْبَصَر رَأْي الْعين: مُنْتَهى بصرها والرؤية: رُؤْيَة الْعين.

المبحث الثاني : تعريف خيار الرؤية اصطلاحا
خيار الرؤية اصطلاحا  : وهو أن يشتري شيئا " لم يره، فإذا رآه كان بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه .وعند الحنفية: هو أن يشتري ما لم يره، ويرده بخياره.وعند الجعفرية: هو أن يقول: بعتك هذا الثوب الذي في الصندوق مثلا، فيذكر جنسه، وصفته.
قيل :(م 323) : المراد من الرؤية في بحث خيار الرؤية هو الوقوف على الحال والمحل الذي يعرفه به المقصود الاصلي من المبيع.(وساقت المجلة أمثلة لذلك)  . وقيل : خيار الرؤية : وهو أن يشتري شيئا  لم يره، فإذا رآه كان بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه.
خيار الرؤية: أن يشتري ما لم يره وهو يعطي خيار رد المبيع للمشتري عند الرؤية وإن رضي قبله وليس خيار الرؤية للبائع بخلاف خيار الشرط فإنه يجوز لهما فلا خيار لمن باع ما لم يره.
خيار الرؤية: هو أن يشتري ما لم يره، ويردّه بخياره.

المبحث الثالث : علاقة خيار الرؤية بالألفاظ ذات الصلة
علما بأن الفقهاء قد تبحر في مسائل الخيارات كيف لا؟ فأنها تتعلق بأمور عقد البيع  على وجه الصحة والفساد وهو ثلاثة أضرب : خيار المجلس و الشرط والعيب وكذلك الرؤية هل لها العلاقة بهذا أنواع الخيارات أم لا؟ سنعرف ذلك من خلال دراستنا في خيار الرؤية.
المسألة الأولى : علاقة خيار الرؤية بخيار المجلس
كما سبق أن ذكرنا عن تعريف خيار الرؤية وهو أن يشتري شيئا لم يره، فإذا رآه كان بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه.  وأما خيار المجلس هو الحقَ للمتبايعين في إمضاء البيع أو فسخه  في محلَ العقد مالم يتفرقا .عن حكيم بن حزام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)  
الصورة منها : لو يشتري المشتري شيئا دون رأيته بالعين ذلك المبيع , فإذا رآه في المجلس فله الخيار إما بالقضاء وإما بفسخ البيع. 
فلذلك لنعلم أن كلي التعريفين يزيد توضيحا للمسألة على أن العلاقة هي الرابطة بينهما إعطاء المحلَ للرؤية , بين قدرة الرؤية في إعطاء المحلَ و عدم قدرة الرؤية ..  فالمشتري لايحصل على حق الخيار – هل هو القضاء أو الفسخ -  إلا بوجوده في محل العقد ( في خيار المجلس ). وكذلك خيار الرؤية لايحصل عليه المشتري إذا لم يره أي عين البيع. وهذا عند بعض أقوال الإئمة الأربعة.  
المسألة الثانية : علاقة خيار الرؤية بخيار الشرط
خيار الشرط هو أن يكون لأحد العاقدين - أولهما معاً - أو لمن ينيبه كل منهما الحق في إجازة العقد أو فسخه باشتراط ذلك في العقد - ولذلك سمي خيار الشرط.
الصورة منها : لو يشتري أحد شيئا من البائع دون رأيه بالمبيع فللمشتري له حق في أن يشترط رأية المبيع فإن رآه والمبيع موافق بالموصوف سيشتري المبيع وإلا فلا. والعقد يجمع بين خيار الرؤية والشرط معا.
 وعلاقته بخيار الرؤية : قد يكون في العقد طلب المشتري من البائع شرطا بالرؤية وهذا جائز شرعا . كما   قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم»
 
المسألة الثالثة : علاقة خيار الرؤية بخيار العيب
 خيار العيب: هو أن يختار رد المبيع إلى بائعه بالعيب.  عند المالكية: هو ما كان موجبه نقصا في المبيع من عيب، أو استحقاق، ويسمى الحكمي. ويقال له: خيار النقيصة. وعند الحنفية: هو أن يختار رد المبيع إلى بائعه بالعيب  . وهو نقص خلا عنه أصل الفطرة السليمة لأن مطلق العقد يقتضي وصف السلامة؛ لأن الغالب في الأشياء هو السلامة فيقع العقد على ذلك الوصف لأن كل واحد من العاقدين صاحب عقل وتمييز فيأبى أن يَغْبَن أو يُغْبَن كذا في الكفاية.
والعيب نوعان: ظاهري: كالعمى والماء في العين، وباطني: كالسعال وانقطاع الحيض شهرين فصاعداً، أو الإباق أو نحوهما. واعلم أن المراد بالعيب عيب كان عند البائع ولم يره المشتري ولا عند القبض.
جاء في الفقه الإسلامي للزحيلي: خيار العيب: هو أن يكون لأحد العاقدين الحق في فسخ العقد أو إمضائه إذا وجد عيب في أحد البدلين، ولم يكن صاحبه عالماً به وقت العقد. فسبب هذا الخيار: هو ظهور عيب في المعقود عليه أو في بدله، ينقص قيمته، أو يخل بالغرض المقصود منه، ولم يكن صاحبه مطلعاً على العيب عند التعاقد، فسمي خيار العيب. وثبوت هذا الخيار مشروط دلالة أو ضمناً؛ لأن سلامة المعقود عليه أو بدله مطلوبة للعاقد، وإن لم يشترطها صراحة. فإذا لم تتوافر السلامة اختل رضا العاقد بالعقد، والرضا أساس العقود، فشرع له الخيار لتدارك الخلل الحادث.

الصورة منها : إذا اشترى أحد شيئا من البائع  والمبيع في صندوق مثلا ولم يره المشتري فإذا رآه ما في الصندوق وحد عيبا في المبيع فالمشترى له حق في قضاء البيع أو بفسخه.
والرابط بين الخيارين : هو رأية المبيع كما عرفنا من خلال تعريف خيار الرؤية : خيار الرؤية وهو أن يشتري شيئا لم يره  وخيار العيب والرأية معهما التشابه الوافي من جهة رأية المبيع عند المشتر


الفصل الثاني : خيار الرؤية وصاحبه وسببه ووقته وشروطه ومجالاته وأنواعه
المبحث الأول : صاحب خيار الرؤية
هناك اتجاهات للفقهاء فيمن يثبت له الخيار وهي كالتالي :
الاتجاه الأول: أنه للمشتري فقط، وليس للبائع خيار الرؤية فيما باعه ولم يره، كمن ورث شيئا من الأعيان في بلد بعيد فباعه قبل رؤيته، وهو ما استقر عليه مذهب الحنفية، وهذا آخر القولين عن أبي حنيفة، فقد كان يقول أولا بثبوته للبائع أيضا ثم رجع وقال: العقد في حق البائع لازم، والخيار للمشتري فقط. واستدلوا بنص الحديث المثبت لخيار الرؤية، وقالوا: إن عدم الخيار ولزوم العقد هو الأصل.وفي بيع المقايضة يثبت خيار الرؤية للطرفين، لأن كليهما يعتبر مشتريا . 
الاتجاه الثاني: يثبت خيار الرؤية للبائع أيضا، وهو القول المرجوع عنه لأبي حنيفة، والقول القديم للشافعي، ورواية مرجوحة عن أحمد، وذلك على افتراض الأخذ بالخيار عند الشافعية والحنابلة، وقد صححوا عدم الأخذ به.
المبحث الثاني : سبب خيار الرؤية
 إن سبب ثبوت هذا الخيار هو عدم الرؤية، كما يدل على ذلك الحديث، واسمه، وتعريفه، وقال آخرون: إن سببه هو الرؤية نفسها، فالإضافة إلى الرؤية هي من إضافة الشيء إلى سببه (ويصح أن تكون من إضافة الشيء إلى شرطه كما ذهب إليه بعض المصنفين) .  ولا ينبني على هذا الاختلاف كبير فائدة.
المبحث الثالث : وقت ثبوت خيار الرؤية
وقت ثبوت خيار الرؤية هو وقت الرؤية، لا قبلها. ولذا لو أمضى العقد قبل رؤية المعقود عليه ورضي به صريحا بأن قال: أجزت أو رضيت أو ما يجري هذا المجرى، ثم رآه كان له أن يرده بخيار الرؤية. لأن النص أثبت الخيار بعد الرؤية فلو ثبت له حق الإجازة قبلها وأجاز لم يثبت له الخيار بعدها، وهذا خلاف النص، ولأن المعقود عليه قبل الرؤية مجهول الوصف. والرضا بالشيء قبل العلم به وبوجود سببه محال، فكان ملحقا بالعدم.  
ولهذا لم يصح إسقاط الخيار قبل الرؤية أو التنازل عنه بقوله: رضيت المبيع أو أمضيت العقد، لأنه لا يصح إسقاط الخيار قبل ثبوته بالرؤية، وإسقاط الشيء فرع لثبوته، فلا يمكن الإسقاط قبل الثبوت. فلو أسقط المشتري خياره قبل الرؤية لم يسقط، وظل له حق ممارسته عند الرؤية. قال السرخسي: إن في الرضا قبل الرؤية هنا إبطال حكم ثبت بالنص وهو الخيار للمشتري عند الرؤية.

المبحث الرابع : شروط خيار الرؤية
يسقط خيار الرؤية بالأمور التالية، سواء حصلت قبل الرؤية أو بعدها:
أ - التصرفات في المبيع بما يوجب حقا للغير، كما لو باع الشيء الذي اشتراه ولم يره لشخص آخر بيعا لا خيار فيه، أو رهنه، أو آجره، أو وهبه مع التسليم، لأن هذه التصرفات لا تكون إلا مع الملك، وملك صاحب الخيار ثابت فيها، فصادفت المحل ونفذت، وبعد نفوذها لا تقبل الفسخ والرفع، فبطل الخيار ضرورة، كما أن إبطالها فيه ضياع لحقوق الغير التي ترتبت لهم بهذه التصرفات، ففسخ البيع أولى من إبطال حقوقهم.
ويستثنى من ذلك ما لا يوجب حقا للغير كالبيع بشرط الخيار للبائع، أو المساومة بقصد العرض على البيع، أو الهبة من غير تسليم، لأن ذلك لا يربو على صريح الرضا، وهو لا يبطله قبل الرؤية. ثم إن التصرف الذي تعلق فيه حق الغير لو عاد إلى ملكه برد قضائي، أو بفك الرهن، أو فسخ الإجارة قبل الرؤية ثم رآه فله الخيار.
ب - تغير المبيع بغير فعله:
حصول التغير إما بطروء الزيادة عليه مطلقا (المنفصلة أو المتصلة، المتولدة أو غيرها) على أن تكون مانعة للرد، وإما بالنقص والتعيب – في قول أبي حنيفة - والنقص المراد هنا هو ما يحصل بآفة سماوية، أو بفعل أجنبي، أو بفعل البائع على التفصيل المذكور في خياري الشرط والعيب، كما ذكر الكاساني .
ج - تعيب المبيع في يد المشتري:
لأنه بالتعيب لا يمكن إرجاع المبيع إلى البائع كما استلمه المشتري، والفسخ يكون بالحالة التي كان عليها المبيع عند العقد وقد استلمه سليما فلا يرده معيبا، ولذا يسقط الخيار.
د - إجازة أحد الشريكين فيما اشترياه ولم يرياه دون صاحبه، وذلك عند أبي حنيفة، حذرا من تفريق الصفقة على البائع، كما مر في خيار العيب.
الشروط عند الحنفية  :
أحدها إذا كان رآها قبل ذلك وكانت كما رآها أو خيرا منها
والثاني أن يحدث فيها نقصان سماوي او من جناية أحد إذا كان بعد قبض الثمن
والثالث أن يهلك منها بعضها بعد القبض
والرابع إذا استحق منها بعضها بوجه من الوجوه
والخامس أن يعمل فيها شيئا يدل على تنازله عن خياره ورضاه به وخيار الرؤية بالنسبة للاعمى في جسها وفيما لا يتأتى له الجس أن يوقف مقام البصير فيرضى أو يرد

المبحث الخامس : مجالات خيار الرؤية
     لنعرفكم ما معنى المجالات : مفردها المجال وهو بمعنى اسم مكان من جالَ / جالَ بـ / جالَ في : " مجال النقل الجويّ ". أوبمعنى مكان ، موضع " لم يبقَ له مجال في هذا الأمر "أو حقل أو ميدان أو نطاق كقولنا :" أحرزت مصر تقدُّمًا ملحوظًا في جميع المجالات ، - حرص على توسيع مجاله : نطاق معرفته واهتماماته . "
    فإذا كان كذلك فمجال خيار الرؤية في عقد البيع، والمراد به هنا الشراء، لأن الخيار يثبت فيه للمشتري وحده دون البائع والعقد من وجهته شراء. ولكنه يختلف باختلاف الوسائل التي تقع بها عقد البيوع منها عقد البيوع عبر الهواتف والمذياع والفكس والإنترنت وغير ذلك. والكلام عن البيوع عبر الوسائل الإلكترونية المعاصرة سنوضحها في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى.
    وأيضا أن خيار الرؤية يقع في النكاح فمثلا تزوج رجل بامرأة موصوفة كذا وكذا عند عقد النكاح فلما دخل عليها الرجل وجد أن المرأة خلاف الموصوفة فعلى الرجل بالخيار إما بفسخ النكاح وإما لايفسخه ورضى عليها. 
    ويقع خيار الرؤية في عقد الاستئجار على سبيل المثال أراد أحد أن يستأجر من المستأجر أي صاحب البيت بيتا موصوفا كذا وكذا فلما يأتي إلى ذلك البيت, صفة البيت تختلف مما وصفه المستأجر. وله خيار الرؤية.   .

المبحث السادس : أنواع خيار الرؤية
    وأقسم أنواع خيار الرؤية باعتبار الذات وباعتبار الزمن والمكان, لأن الرؤية تتعلق بذات العين والزمان والمكان.
1.    ينقسم خيار الرؤية باعتبار الذات على أربعة أنواع :
أحدها  خيار الرؤية في جودة المبيع ونوعيته فمثلا إذا اشترى أحد السيارة من البائع فللمشتري أن يرى جودة السيارة بالتفاصيلها حتى لا يقع في الخدعة على المشتري
والثاني خيار الرؤية في العدديات المتفاوتة وهو في رؤية كل واحد منها قبل عقد البيع فإذا وجد الخلل أو العيب في المبيع فللمشتري الخيار إما بالفسخ أو عدمه.
والثالث خيار العدديات وهي التي لا تفاوت فيها فاذا رأى بعضها ورضيه لزمته كلها فمثلا في بيع الفواكه : إذا اشترى أحد صاعا من التمر فإذا رآى بعض التمر ورضيه فسقط خيار الرؤية.
والرابع خيار رؤية الوزني والكيلى فإن رأى بعضا منها ورضيه لزمته جميعها وسقط خياره فمثال ذلك في بيع البرتقال فإن رأى بعضا من البرتقال ورضيه فلا خيار له.
2.    ينقسم أنواع خيار الرؤية باعتبار الزمن على قسمين :
أولا : خيار الرؤية قبل تمام العقد وهو أن يكون للمشتري حق في رؤية المبيع قبل تمام البيع إما بفسخ البيع أو عدم الفسخ. وإن رضي المشتري عيب المبيع فيسقط خيار الرؤية.
وثانيا : خيار الرؤية بعد تمام العقد  وهو أن المشتري وجد عيبا في المبيع ولم يوضحه البائع عند المجلس فتبين عيب المبيع بعد تمام العقد لأن المشتري مخدوع. فهو كخيار العيب تماما.
3.    ينقسم أنواع خيار الرؤية باعتبار المكان علي قسمين :
أولا : خيار الرؤية في المجلس , يعني تم العقد في المجلس بدون رؤية المشتري عند المبيع بسبب التوكيل عند البيع 
ثانيا : خيار الرؤية خارج المجلس, فهذا ما يقع كثيرا  لأن المشتري اشترى شيئا ولم يره عند العقد, وهذا يحدث عند ضعيف عناية واهتمام المشتري عند المبيع. أو اشتراه عبر الهاتف أو الإنترنت فالمشتري قد أرسل جملة من النقود ولما جاء المبيع عند المشتري وحد  صفة المبيع خلاف صفة في الموقع الإنترنت. فللمشتري خيار الرؤية.  



الفصل الثالث : خيار الرؤية عند مذاهب الفقهاء واختلافهم في تطبيقاته المعاصرة
    في هذا الفصل هو بيان آراء مذاهب الفقهاء من الأئمة الأربعة ويحتوى على : ذكر آراء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة عن مشروعية خيار الرؤية وتعريفهم إياه , مع بيان استدلالهم واختلافهم فيها وأضيف بالصور عن خيار الرؤية. 

المبحث الأول : خيار الرؤية عند الحنفية
أولا : خيار الرؤية عند الحنفية: هو أن يشتري ما لم يره، ويرده بخياره. وكان أبو حنيفة يقول: أولا له الخيار اعتبارا بخيار العيب وخيار الشرط وهذا؛ لأن لزوم العقد بتمام الرضا زوالا وثبوتا ولا يتحقق ذلك إلا بالعلم بأوصاف المبيع، وذلك بالرؤية فلم يكن البائع راضيا بالزوال. ووجه القول المرجوع إليه أنه معلق بالشراء لما روينا فلا يثبت دونه . قال أصحابنا رحمهم الله إن خيار الرؤية مشروع في شراء ما لم يره المشتري فيجوز الشراء ويثبت له الخيار وقال الشافعي شراء ما لم يره المشتري لا يصح فلا يكون الخيار فيه مشروعا ولو باع شيئا لم يره البائع ورآه المشتري يجوز عندنا وذكر الطحاوي في اختلاف العلماء أن أبا حنيفة كان يقول بأنه يثبت له الخيار ثم رجع وقال لا يثبت .

ثانيا : مشروعية خيار الرؤية :
 أبو حنيفة فإنه رأى أنه إذا كان له خيار الرؤية أنه لا غرر هناك، وإن لم تكن له رؤية.   الدليل : خيار الرؤية  في قول النبي عليه السلام  : من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه.  
 وقد قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - وابن أبي ليلى: يجوز إذا كانت المدة معلومة طالت أو قصرت لقوله - صلى الله عليه وسلم - «المسلمون عند شروطهم» فإذا شرط الخيار شهرا وجب الوفاء به لظاهر الحديث وعن عمر - رضي الله تعالى عنه - عنه أنه أجاز الخيار لرجل في ناقة شهرين والمعنى فيه أن هذا مدة ملحقة بالعقد شرطا فلا تتقدر بالثلث كالأجل، وهذا لأن ما زاد على الثلث كالثلث في المعنى الذي لأجله جوزنا شرط الخيار ثم يعتبر هذا الخيار بخيار العيب والرؤية أو بنفس هذا العقد على عقد الكفالة فكما يجوز اشتراط الخيار هناك أكثر من ثلاثة أيام فكذلك يجوز هنا، وأبو حنيفة استدل بالحديث فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدر الخيار بثلاثة أيام، والتقدير الشرعي إما أن يكون لمنع الزيادة والنقصان أو لمنع أحدهما وهذا التقدير ليس لمنع النقصان فاشتراط الخيار دون ثلاثة أيام يجوز فعرفنا أنه لمنع الزيادة إذ لو لم تمنع الزيادة لم يبق لهذا التقدير فائدة، وما نص عليه صاحب الشرع من التقدير لا يجوز إخلاؤه عن الفائدة؛ لأنه ما كان بحازق في بيان الأحكام ثم بسبب اشتراط الخيار يتمكن معنى الغرر وبزيادة المدة يزداد الغرر، وقد كان القياس أن لا يجوز اشتراط الخيار في البيع أصلا وهو قياس يسده الأثر؛ «لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر» إلا أنا تركنا القياس في مدة الثلاثة لورود الأثر فيه.
وجواز العقد مع القليل من الغرر لا يدل على الجواز عند كثرة الغرر وبه فارق الطفالة؛ لأنها تحتمل الغرر والخطر ألا ترى أنه يجوز تعليق أصل الطفالة بأن يقول ما لك على فلان فهو علي وبه فارق خيار العيب والرؤية؛ لأنه لا يتمكن الغرر بسببه وفي حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه أجاز الخيار وليس فيه بيان خيار الشرط ولعل المراد خيار الرؤية والعيب، وأنه أجاز الرؤية بعد الشهرين وكما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «المسلمون عند شروطهم» فقد قال أيضا «كل شرط ليس في كتاب الله - تعالى - فهو باطل» ثم جواز شرط الخيار لحاجة وهذه الحاجة ترفع بثلاثة أيام ففيما رآه لحاجة.
 
ثالثا : صور خيار الرؤية عند الحنفية
قال وإن قال البائع بعت منك هذا العبد الذي في يدي بألف درهم وقال المشتري بل هذه الجارية بخمسين دينارا فهنا كل واحد منهما مدعي ومنكر حقيقة؛ لأنه يدعي كل واحد منهما العقد في عين آخر فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه وإن أقاما البينة قضى بالبيع فيهما بألف وخمسين دينارا وقد بينا هذا في باب السلم. وإن قال المشتري: ابتعت منك هذا العبد الذي في يدي بألف درهم ونقدت الثمن، وقال البائع ما بعتك هذا العبد إنما بعتك جارية بهذه الألف وقبضت الثمن ودفعتها إليك فكل واحد منهما يحلف على دعوى صاحبه، فإن حلف البائع رد عليه العبد؛ لأن العقد قد انتفى بيمينه فيه، وقد أقر ذو اليد أنه كان مملوكا له في الأصل، وإذا حلف الذي كان في يديه العبد ما اشترى الجارية فعلى بائعها رد الألف عليه وإن قامت لهما بينة قضى بالبينتين وعلى المشتري أداء ألف أخرى
قال: ولو اشترى ثوبا فقال البائع هو هروي وقال المشتري: لا أدري وقد رآه ولكني أخذته على ما يقول ثم جاء يرده وقال وجدته يهوديا لم يصدق؛ لأنه كان قد رأى المعقود عليه فليس له خيار الرؤية بعد ذلك بقي دعواه حق الرد لنفسه على البائع في هذه العين والبائع منكر لذلك فلا يقبل قوله كما ادعى المشتري العيب بالمعقود عليه إلا بحجة.
قد رأى طرفا من كل ثوب، ورؤية جزء من المعقود عليه كرؤية الكل في إسقاط خيار الرؤية إلا أن يكون في طي الثوب ما هو مقصود كالطراز والعلم فحينئذ لا يسقط خياره ما لم ير ذلك الموضع؛ لأن مالية المعقود عليه تختلف باختلاف المقصود والمقصود بالرؤية العلم بمقدار المالية.

المبحث الثاني : خيار الرؤية عند المالكية
مشروعية خيار الرؤية عند المالكية :  عند مالك أنه إذا جاء على الصفة فهو لازم   مالك رآه ( خيار الرؤية ) من الغرر اليسير. فهو جائز
 والدليل : وأما مالك فرأى أن الجهل المقترن بعدم الصفة مؤثر في انعقاد البيع، ولا خلاف عند مالك أن الصفة إنما تنوب عن المعاينة لمكان غيبة المبيع، أو لمكان المشقة التي في نشره، وما يخاف أن يلحقه من الفساد بتكرار النشر عليه؛ ولهذا أجاز البيع على البرنامج على الصفة، ولم يجز عنده بيع السلاح في جرابه، ولا الثوب المطوي في طيه حتى ينشر، أو ينظر إلى ما في جرابها.
أنواع خيار الرؤية : المالكية - قالوا: إذا باع سلعة غائبة لم يرها المشتري فإن ذلك له حالتان:
 الحالة الأولى: أن تكون غائبة عن رؤية المشتري ولكنها حاضرة في مجلس العقد، كالحنطة في الكيس، والسكر في الصندوق، وفي هذه الحالة لا يصح البيع إلا برؤية السلعة ما لم يكن في فتحها ضرر وفساد.
الحالة الثانية: أن تكون غائبة عن مجلس العقد، سواء كانت خارج البلد، أو كانت بالبلد، وسواء أمكن حضورها بسهولة أو لا،

شروط خيار الرؤية : فإنه يصح البيع بدون رؤية إلا إذا تحقق واحد من أمرين:
أحدهما: وصف السلعة بما يعين نوعها أو جنسها.
ثانيهما: أن يشترط الخيار برؤية المبيع، فإن باع سلعة بيعاً باتا بدون أن يراها المشتري وبدون أن توصف له من غير البائع، "أو من البائع على المعتمد" فإن البيع يقع فاسداً، وأما إذا وصف له فإنه يقع صحيحاً، ولا يكون له الخيار عند رؤيتها إلا إذا كانت معينة. أو كانت على غير الصفة التي اشتراها عليها كما يأتي بعد هذا. أما إذا باع سلعة بشرط أن يكون للمشتري الخيار ولم يصفها صح البيع وكان للمشتري الخيار عند رؤيتها.
ويعتبر المبيع مرتباً برؤية بعضه إن كان مثلياً أو مكيلاً كالقمح، أو موزوناً كالقطن، أو معدوداً كالبيض. أما غير المثلي وهو الذي يقوم بلا كيل أو وزن أو عد فإن رؤية بعضه لا تكفي على ظاهر المذهب، فإذا باع قمحاً رأى المشتري بعضه "عينته" فإن البيع يصح، ومثل رؤية العينة سماع ما كتب من وصفها في البرنامج "دفتر التاجر".
وإذا كان للمبيع قشرة كالرمان والجوز واللوز والبيض والبطيخ، فإنه يكفي برؤية بعضه أيضاً وإن لم يكسره ويعرف ما في داخله، فإذا وجد الباقي مخالفاً لما رآه مخالفة يسيرة فلا كلام له، وإن وجده مخالفاً مخالفة شديدة كان له الخيار في إمساكه ورده، وإذا كان بالبعض الذي رآه عيب علمه ولكنه تسامح فيه، فإن كان ذلك العيب مما يغلب وجوده في جميع المبيع كالسوس فإنه لا كلام للمشتري لأنه علمه ورضي به وإن كان مما يوجد في البعض الذي رآه ويظن أن الباقي سليم كأعلى الكيس الذي أصابه بلل فغيره فإنه له رده إذا رآه كله متغيراً، وإذا رأى المبيع قبل العقد بزمن لا يتغير فيه عادة فإنه يصح شراؤه بلا شرط، أما إذا رآه قبل ذلك بزمن يتغير فيه عادة فإنه لا يصح البيع بدون شرط الخيار عند رؤيته.
وهل يصح للبائع أن يبيع الغائب مع اشتراط تعجيل دفع الثمن أو لا؟ وأيضاً هل يصح للمشتري أن يتطوع بدفع الثمن معجلاً من غير شرط أو لا؟ والجواب أن في ذلك أحوالاً:
 أحدها: أن يكون المبيع الغائب عقاراً والبيع بات لا خيار فيه، وفي هذه الحالة يجوز للبائع أن يشترط تعجيل دفع الثمن بشرط أن يكون المشتري قد اشترى ذلك المبيع على وصف غير البائع، أما إذا اشتراه على وصف البائع فإنه لا يصح اشتراطاً تعجيل الثمن، ولكن يصح للمشتري أن يتطوع بدفع الثمن.
الحالة الثانية: أن يكون المبيع عقاراً ولكنه اشتراه بشرط الخيار أو الاختيار، وفي هذه الحالة لا يصح اشتراط تعجيل دفع الثمن ولا التطوع بدفعه.
الحالثة الثالثة: أن يكون المبيع الغائب غير عقار، وفي هذه الحالة يصح اشتراط تعجيل دفع الثمن بأربعة شروط: أحدها: أن يكون البيع باتاً لا خيار فيه. ثانيها أن يكون قد اشتراه بناء على رؤية سابقة على العقد أو وصف غير البائع. ثالثها: أن لا يكون المبيع بعيداً عن محل العقد مسافة تزيد على يومين.
صورة خيار الرؤية :
     وإن اختلف البائع والمشتري في ذلك فقال المشتري: إن صفته التي اشتريته عليها تغيرت، وقال البائع: لم تتغير، فإنه يسأل في ذلك أهل الخبرة، هل المدة التي بين رؤيته قبل البيع ورؤيته بعده يتغير فيها المبيع عادة أو لا؟ فإن جزم بأنه يتغير كان القول للمشتري، وإن جزم بأنه لا يتغير كان القول للبائع، ولا يمين على واحد منهما، ومثل ذلك ما إذا رجح التغيير أو عدمه فإنه يكون القول للمشتري إذا قال أهل الخبرة: إنه يظن أن يتغير، ويكون القول للبائع إذا قال أهل الخبرة: إنه يظن أنه لا يتغير، ولكن يحلف من رجح له في هذه الحالة. أما إذا شك أهل الخبرة فلم يجزم بشيء ولم يرجح شيئاً كان على البائع أن يحلف بأن المبيع باق على الصفة التي رآه بها المشتري ويتم البيع.
وإن اختلفا فيما اشتراه على وصفه بالبرنامج "الدفتر" فقال المشتري: إنه وجده على غير المكتوب في الدفتر. وقال البائع: إن المبيع موافق لما كتبه في الدفتر وإن المشتري جاءه بغير المبيع، كان القول للبائع بيمينه، فيحلف بأن الذي باعه موافق للمكتوب، فإن حلف فلا شيء وإن نكل حلف المشتري أنه لم يغير ما وجده، فإن حلف فله رده على البائع، وإن أبى لزمه ما أتى به ولا شيء له على البائع. 


المبحث الثالث : خيار الرؤية عند الشافعية
 خيار الرؤية عند الشافعية : من اشترى عيناً لم يرها
مشروعية خيار الرؤية : قال لا يجوز خيار الرؤية.
الدليل :  فالشافعي رآه من الغرر الكثير . (قال الشافعي) : أصل البيع بيعان لا ثالث لهما بيع صفة مضمونة على بائعها، فإذا جاء بها خيار للمشتري فيما إذا كانت على صفته، وبيع عين مضمونة على بائعها بعينها يسلمها البائع للمشتري فإذا تلفت لم يضمن سوى العين التي باع ولا يجوز بيع غير هذين الوجهين، وهذان مفترقان في كتاب البيوع.
لأنه قد يتلف ولا يكون عليه أن يعطيه غيره، ولو باعه إياه جزافا على الأرض، فلما انتقل وجده مصبوبا على دكان أو ربوة أو حجر كان هذا نقصا يكون للمشتري فيه الخيار إن شاء أخذه، وإن شاء رده، ولا بأس بشراء نصف الثمار جزافا ويكون المشتري بنصفها شريكا للذي له النصف الآخر، ولا يجوز إذا أجزنا الجزاف في الطعام نسيئة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يجوز الجزاف في كل شيء من رقيق وماشية وغير ذلك، إلا أن للمشتري الخيار في كل واحد منهم إذا رآه والرد بالعيب من قبل أن كل واحد منهم غير الآخر والمكيل والموزون من الطعام إذا كان من صنف واحد كاد أن يكون مشتبها.
بيع الغائب لا يجوز بحال من الأحوال لا ما وصف ولا ما لم يوصف، وهذا أشهر قولي الشافعي، وهو المنصوص عند أصحابه، (أعني أن بيع الغائب على الصفة لا يجوز)

اختلاف أئمة الشافعية في حكم خيار الرؤية على قولين :
أحدهما: أنه لا يصح، وهو اختيار المُزني؛ فإن العين في العُرف تُعْلَم بطريق المعاينة، فإذا لم يرها المشتري، عُدّت مجهولة عُرفاً، واستقصاء الطريقة في الخلاف    .
والقول الثاني: أن البيع صحيح؛ فإن المبيع متميَّز [والشرع]    قاضٍ باعتماد قول البائع، وعليه ابتنى قبول قوله في الملك وغيره، مما يشترط في صحة العقد.
 سبب الاختلاف  :
إن حكمنا بفساد البيع، فأول ما نذكره تفصيل القول في الرؤية؛ فالمذهب أن من رأى شيئا، ثم غاب عنه، فاشتراه على قرب العهد بالرؤية، والغالب على الظن أن المبيع لا يتغير في تلك المدة، فالبيع صحيح، والرؤية المتقدمة كالمقارنة.
وحكى العراقيون والشيخ أبو علي عن أبي القاسم الأنماطي أنه يشترط مقارنة الرؤية للعقد، ونزلها في البيع منزلة اشتراط اقتران حضور الشاهدين بعقد النكاح، ثم الشيخ حكى عن الإصطخري أنه قال: "كنت أناظر بعض من يذب عن الأنماطي، وكنت ألزمه المسائل، وهو يرتكبها حتى قلت: لو عاين الرجل ضيعة وارتضاها، ثم ولاها ظهره، فاشتراها، فهل يصح ذلك؟ فتوقف".
قال أبو سعيد    : لو ارتكب، لكان خارقا للإجماع، والوجه في مذهب الأنماطي أن ما لا سبيل إلى تحصيله على يسر، فلا شك انه لا يشترط، وهو كرؤية كل جزء من قرية أو دار يشتريها، فأما إذا صرف عنه بصره في حالة إنشاء العقد مقبلا على من يبايعه، فقد نقل الإصطخري الإجماع فيه، وما أرى الأنماطي يسمح بهذا، ويحتمل أن يكتفي بكون المبيع بمرأى منه حالة العقد، وإن كان لا يلحظه. وبالجملة مذهبه فاسد.
والأصحاب لما اكتفوا بتقدم الرؤية، شرطوا أن يكون الزمان المتخلل بحيث لا يتغير فيه المبيع غالبا، وهذا يختلف باختلاف صفات المبيع، فما يتسارع إليه التغير، يعتبر فيه ما يليق به، والعقار وما يبعد تغيره يراعى فيه ما يغلب تغيره فيه. ثم قال الأئمة: إذا تقادمت الرؤية، وتخلل زمان يغلب التغير فيه، فتلك الرؤية لا حكم لها، وإذا اشترى تعويلا عليها، لم يصح، على منع شراء الغائب.
وذكر الشيخ في شرح التلخيص ما ذكرناه ووجها آخر: أن الرؤية المتقدمة كافية في تصحيح العقد، ثم إن اتفق تغير، ثبت الخيار، كما سنذكره، واختار هذا الوجه وصححه، ولم أره لغيره.




المبحث الرابع : خيار الرؤية عند الحنابلة
مشروعية خيار الرؤية عند الحنابلة
فيه روايتان:
إحداهما: لا خيار له لأنه عقد معاوضة صح من الغيبة، فأشبه النكاح. الدليل : ولا يجوز بيع الأعيان من غير رؤية أو صفة يحصل بها معرفة المبيع في ظاهر المذهب، لحديث أبي هريرة، ولأنه مجهول عند العاقد، فلم يصح بيعه، كالنوى في التمر، فعلى هذا يشترط رؤية ما هو مقصود بالبيع، كداخل الثوب، وشعر الجارية. وعنه: يجوز لأنه عقد معاوضة، فأشبه النكاح.
والثانية: يثبت له الخيار عند الرؤية في الفسخ والإمضاء، الدليل : لأنه يروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال «من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه» ويكون خياره على الفور، للحديث، وقيل: يتقيد بالمجلس، لأنه خيار ثابت بمقتضى العقد، فتقيد بالمجلس، كخيار المجلس، فإن اختار إمضاء العقد قبل الرؤية لم يلزم، لأنه تعلق بالرؤية، ولأنه يؤدي إلى إلزام العقد في مجهول الصفة. وإن اختار الفسخ انفسخ، لأن الفسخ يصح في مجهول الصفة، ويعتبر لصحة العقد الرؤية من المتعاقدين جميعاً، لأن الرضا معتبر منهما، فتعتبر الرؤية التي هي مظنة له منهما جميعاً.
قال أحمد بن حنبل عن خيار الرؤية  : كلما بيع في ظروف مغيب، لم يره الذي اشتراه: فالمشتري بالخيار إذا قبضه إن شاء رد، وإن شاء أخذ، قيل له: فيكون عيباً؟ قال: له الخيار لأنه بيع غرر، فظاهر هذا جواز البيع، وإثبات خيار الرؤية، وقد رجح المرداوي صحة الرواية الأولى.
وقال ابن قدامة في المقنع 2/11: إذا اشترى مالم يره، ولم يوصف له، أو رآه، ولم يعلم ما هو، أو ذكر له من صفته ما لا يكفي في السلم: لم يصح البيع.
وقال في الشرح الكبير 2/322: اختلفت الرواية عن أحمد في بيع الغائب الذي لم يوصف، ولم تتقدم رؤيته. فالمشهور عنه أنه: لا يصح بيعه، وبهذا قال الشعبي، والنخعي، والحسن، والأوزاعي وهو قول إسحاق.وفيه رواية أخرى: أنه يصح.
ثم قال: ويثبت الخيار عند رؤية المبيع في الفسخ والإمضاء ويكون على الفور. وفي الإنصاف 4/295 قال: إذا لم يَرَ المبيع فتارة يوصف له، وتارة لا يوصف له، فإن لم يوصف له: لم يصح البيع على الصحيح من المذهب. وعنه: يصح نقلها حنبل. هذا إذا ذكر جنس المبيع، فإن لم يذكره فلا يصح رواية واحدة. وإن وصف له المبيع، فتارة يذكر له من صفته ما يكفي في السلم، وتارة يذكر ما لا يكفي في السلم، فإن ذكر له ما لا يكفي في السلم: لم يصح البيع على الصحيح من المذهب، وعنه: يصح.
فعلى هذه الرواية، ورواية عدم اشتراط الرؤية: له خيار الرؤية على أصح الروايتين، وله أيضا فسخ العقد قبل الرؤية على الصحيح من المذهب.





المبحث الخامس : اختلاف الفقهاء في تطبيقات خيار الرؤية المعاصرة
 فقد اختلف الفقهاء في حكم خيار الرؤية على أقوال: فذهب أبو حنيفة وهو قول لمالك وقول للشافعي في القديم، ورواية عن أحمد إلى جواز بيع الغائب مع ثبوت الخيار للمشتري. وذهب مالك في المشهور عنه و أحمد في أظهر الروايتين عنه إلى أنه لا يجوز إلا بالوصف أو الرؤية المتقدمة.
وذهب الشافعي في الجديد إلى المنع مطلقاً. وقد استدل من ذهب إلى جوازه بعموم قول الله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا [البقرة:275] وبما رواه الطحاوي في معاني الآثار أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالاً بالكوفة، فقال عثمان : لي الخيار، لأني بعت ما لم أر.  وقال طلحة : لي الخيار لأني ابتعت ما لم أر.  فحكما بينهما جبير بن مطعم ، فقضى بالخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنهما. فدل ذلك على ثبوت الخيار للمشتري.
والقول بالجواز مع ثبوت الخيار هو أرجح هذه الأقوال، فعلى هذا فلا حرج إن شاء الله في عقد الصفقات التجارية على الهاتف مع ثبوت الخيار للمشتري بعد رؤية السلعة. والله أعلم.
وبالنسبة إلى اختلافهم في تطبيقاته في خيار الرؤية المعاصرة سنبينها من خلال بحثنا نحو مسألة خيار الرؤية في البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية حكمه وأنواعه وتصوره

المسألة الأولى : مسألة خيار الرؤية في البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية حكمه وأنواعه وتصوره
تعريف خيار الرؤية و الوسائل الإلوكترانية
لكي لا يتسائل في أذهان القارئ سنبين في الأول عن تعريف الوسائل الإلوكترونية كالتالي :
خيار الرؤية : هو أن يشتري ما لم يره، ويردّه بخياره.
الوسائل الإلوكترانية : « عملية تساعد المرسل على إرسال المعلومات بأي وسيلة من وسائل النظم الكهرومغناطيسية من تليفون أو تلكس أو بث تليفزين أو نحو ذلك... »( ).
ثانيا : أنواع الوسائل الإلوكترانية وواختلاف العلماء في البيوع من خلالها
-    أنواع الوسائل الإلوكترانية :
 ما وصل إليه الناس  من التقدم في الوسائل الإلوكترونية فقد وصلوا إلى حد هائل مذهل, لوم يتوقع في أذهاننا أن الإنسان يعرف أحوال إخوانه في الكرة الأرضية الأخرى بمجرد فتح الإتنرنت أو يقدر المرء مكالمة أخيه مهما بعدت مسافتها عبر الهاتف, نعم , إنه محال في العصر القديم لكن اليوم يقول خلاف ذلك.    
فالكلام عن الوسائل الإلوكترونية في هذا الموضوع لا نتحدث عنها جميعا وإنما الوسائل التي تتعلق وترتبط بعلاقة الإنسان وغيره في عقد البيوع. وإليكم البيان عنها :  
الأولى: الوسائل الإلوكترونية عبر الكتابة  كمثل الفاكس والتلكس
فمثلاً التلكس يتم الاتصال به من خلال جهازين مرتبطين بوحدة تحكم دولي ينقل كل واحد منهما إلى الآخر المعلومات المكتوبة دون وجود وسيط بينهما، حيث إنه يمكن للمشترك الاتصال بجميع أنحاء العالم وهو جالس في مكتبه من خلال جهاز التلكس، المرتبط بوحدة تحكم خاصة به، ودون حاجة إلى الانتقال إلى مكان آخر، ودون وجود احتمال تسرب المعلومات، فضلاً عن قدرته على اختصار الوقت وتحقيق قدرة أعلى في السرعة.
ولكل مشترك في هذا الجهاز رقم خاص يميزه عن بقية المشتركين... ولهذا الجهاز مفاتيح شبيهة بالآلة الكاتبة، ولكل مفتاح من مفاتيحه رقم يرمز إلى حرف متعارف عليه دوليًا، وحينما تجتمع فيه الأرقام أي الحروف المقصودة يقوم الجهاز بتحويلها إلى إشارات كهربائية ليتلقى جهاز التلكس المرسل إليه( )
وكذلك الفاكس فإنه من خلال جهازين مرتبطين بالخطوط الهاتفية، حيث يضع المرسل الورقة المكتوبة في الجهاز، ويضرب الأرقام الخاصة بالجهاز الثاني، حينئذٍ إذا لم يكن ذلك الجهاز مشغولاً أو فيه خلل فإنه يقوم بفتح الخط ليقوم بطبع صورة الورقة المرسلة على ورقة خاصة موجودة فيه، لتظهر الورقة للمرسل إليه كما هو دون تغيير أو تبديل( ).
الثانية : الوسائل الإلوكترونية عبر الصوت كمثل الهاتف السلكية والمذياع
الثالثة : الوسائل الإلوكترونية عبر الكتابة والصوت كمثل الجوالات والمحمولات
الرابعة : الوسائل الإلوكترونية عبر الكتابة والصوت والصورة كمثل الحاسوب الآلي ( الإنترنت ) والأيفيد
والحاسوب الآلي هذا هو  المضمار فأصبح كثير من الإجراءات التعاقدية تتم من خلاله، فعن طريقه يتم حجز الأماكن للسفر والسياحة ونحوهما، ومن خلاله يتم الاتصال بين الشركات الفرعية والشركة الأم لتنظيم الرحلات والاتفاقات وعن طريقه يتم قطع التذاكر، وفي الآونة الأخيرة دخل الكمبيوتر الأسواق المالية من أوسع أبوابها، فأصبح يقوم بتنظيمها وتنظيم العقود فيها، وإجراء بعض العقود والتحويلات، كما أنه يمكن ربط الكمبيوتر بجهاز كمبيوتر آخر عن طريق الهاتف، أو عن طريق مجموعة اتصال خاصة تدعى الإنترنت (Internet) ثم القيام ببرمجة خاصة تمكين من مخاطبة الجهاز الآخر أوتوماتيكيًّا أو عمليًّا، وبالتالي كتابة رسالة تعاقدية فيه وتخزينها مع توجيهه إلى إرسال نسخة منها إلى الجهاز الثاني المرتبط بالمتعاقد الآخر أو بالبورصة( ).
والجدير بالذكر أنه يمكن من خلال الإنترنت إجراء مكالمات هاتفية فالإنترنت يمكن تصنيفه مع أجهزة الاتصال الحديثة الناقلة للحروف، ويمكن أيضًا تصنيفه مع الوسائل الناقلة للأصوات، ومن أبرزها الهاتف الذي يتم الاتصال من خلاله عن طريق الخطوط (الكابلات الكهربائية) عبر الأرض أو البحر أو عن طريق الأقمار الاصطناعية.

الخامسة : الوسائل الإلوكترونية عبر الصوت والصورة كمثل التلفاز
     ويمكن أيضًا إجراء عقد البيوع عن طريق التلفاز والتسجيل و(الفيديو) الناقل للصوت والصورة معًا.

أنواع  عقود البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية ( الإنترنت )  :
الأول :  تجارة إلكترونية من المستهلك إلى المستهلك (Consumer-to- Consumer)
ويشار إليها اختصارا بالرمز C2C، وعملية البيع و الشراء في هذا النوع تحث بين مستهلك ومستهلك آخر، وليس هناك حاجة لوجود أي تدخل من منظمة أو جهة. وهذا النوع منتشر جداً لدى المستخدمين لما توفره بعض المواقع المختصة لمثل هذا النوع من التجارة من تسهيلات كبيرة تريح المستخدمين في تعاملاتهم. ومن الأمثلة على هذا النوع مواقع المزادات مثل موقع eBay أو موقع Yahoo.

الثاني : تجارة إلكترونية بين الشركات والزبائن  ) (Business-to- Consumer)  
ويشار إليها اختصارا بالرمز B2C، والمثال الكلاسيكي لهذا النوع هو موقع أمازون Amazon حيث أنه يقوم ببيع منتجاته من خلال بيع التجزئة للمستهلك. وهناك موقع هام أيضاً يعمل مثل أمازون وهو موقع لبيع الكتب عبر الشبكة يسمى موقع bn اختصار لاسم Barnes & Nobel رابط الموقع www.bn.com . وأيضاً المخازن الإلكترونية eStores مثل eBay store ومخزن ياهو Yahoo وهي مواقع بيع الشركات للمستهلك.

الثالث : تجارة إلكترونية بين الشركات وبعضها   (Business-to-Business): 
ويشار إليها اختصاراً بالرمز B2B، ويشغل هذا النوع من أنواع التجارة الإلكترونية معظم التعاملات التي تتم في نطاق التجارة الإلكترونية. وفي الواقع أثبتت دراسة قام بها Mockler  et al في عام 2006 أن 85% من تعاملات التجارة الإلكترونية تندرج تحت هذا النوع. وفي هذا النوع يتم التبادل التجاري الإلكتروني وتعاملات الأسواق الإلكترونية بين شركة وأخرى. وهذا التعامل قد يكون لغرض تدفق المعلومات أو بيع/شراء السلع أو تنفيذ بعض الخدمات. والمثال على هذا النوع هو بيع شركة DEEL أجهزتها للشركات عن طريق نظام المشتريات والطلبات الإلكترونية الخاص بها.

الرابعة :  تجارة إلكترونية بين مستهلك وشركة   (Consumer-to-Business): 
ويشار إليها إختصاراً بالرمز C2B، وفي هذا النوع من التجارة الإلكترونية يقدم صاحب العمل أو المنشأة طلب أو إعلان، ويقوم المستهلك توفير طلبات صاحب العمل أو المناقصة. أي أن هذا النوع يحدث حينما يبيع المستهلك للشركات. مثال ذلك عندما يبيع شخص برامج حسابية لإحدى الشركات. ومن الأمثلة أيضاً المواقع التي تعمل عن بعد والبحث عن محترفين للإجابة على الأسئلة أو تأدية مهام معينة، مثل موقع oDesk الذي يعد أحد أشهر المواقع في هذا المجال. وهو يعمل عن بعد، ويمكن إيجاد كُتاب، مبرمجين، مصممين والتعاقد معهم عن طريق هذا الموقع.

الخامسة : تجارة إلكترونية غير ربحية (Non Profitable Business): 
وتعتمد على هذا النوع الكثير من المؤسسات ذات الدعوة الدينية.

اختلاف العلماء في عقود البيوع خلال الوسائل الإلوكترونية بالكتابة :
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم التعاقد بطريق الكتابة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية( )، والشافعية( )، والحنابلة( )، إلى أن الكتابة كالخطاب؛ فالتعاقد بها جائز سواء أكان العقد بين حاضرين أم بين غائبين، وسواء أكان المتعاقدان قادرين على النطق أم عاجزين عنه، لكنهم استثنوا من ذلك عقد النكاح لخصوصيته واشتراط الشهود فيه كما سبق بيانه، وقد استدل هؤلاء إلى ما ذهبوا إليه بما يلي:
1- إن الكتابة هي وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة كالخطاب.
2- ما ثبت في الأدلة الصحيحة القاطعة من أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد استعمل الكتابة وسيلة من وسائل نشر الدعوة الإسلامية؛ فلقد خاطب رسول الله عليه الصلاة والسلام الرؤساء والملوك ودعاهم إلى الدخول في الإسلام عن طريق الكتابة( ). فإذا كانت الكتابة صالحة لنشر الدعوة الإسلامية فكيف لا تكون صالحة لإنشاء العقود؟.
القول الثاني: مذهب بعض الفقهاء، وهو قول للشافعية ( )، إلى أنه لا يصح التعاقد بطريق الكتابة إلا لمن كان عاجزًا عن النطق والكلام فقط.
وقد استدل هؤلاء بما يلي:
 - أن الكتابة ليست وسيلة من وسائل التعبير المعتبرة؛ حيث إِنها تحتمل التزوير وإرادة تحسين الخط فقط، ومع هذا الاحتمال لا تثبت بها العقود التي ترتب عليها آثار كثيرة من حل وحرمة، ومن انتقال الملكية ونحوه.
2- أن وسائل التعبير عن الإرادة جاءت جميعها بالألفاظ، ولم يشتهر في عصر النبي عليه الصلاة والسلام إنشاء العقود بالكتابة غير أنه يستثنى من ذلك العاجز عن النطق الذي لا يجد حيلة إلى النطق ولا يهتدي إلا إلى الإشارة أو الكتابة( ).
القول الثالث: ذهب فقهاء الحنفية ( ) إلى أن الكتابة تنـزل منـزلة الخطاب بالنسبة للغائبين فقط، ولم يستثنوا من ذلك حتى عقد النكاح كما سبق توضيح ذلك وبيانه.
وقد استدل هؤلاء بما يلي:
    استدل الحنفية إلى ما ذهبوا إليه بنفس الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الثاني، لكنهم قالوا: إن الحاجة ماسة بالنسبة للغائبين دون الحاضرين، فيترخص للغائبين دون غيرهم، فلماذا يلجأ إليها الحاضران وهما قادران على النطق الذي هو أقوى.
المناقشة والترجيح:
    الراجح من وجهة نظري -والله أعلم- هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء القائلين بجواز إبرام العقود عن طريق الكتابة مطلقًا أي سواء أكان العقد بين غائبين أم حاضرين، وسواء أكان المتعاقدان قادرين على النطق أم عاجزين عنه؛ لأنه يدعمه الدليل ويتفق مع قواعد الشريعة وأصولها القاضية برفع الحرج ومبادئها الخاصة بالعقود الدالة على أن الأساس هو التراضي دون النظر إلى التقيد بأية شكلية؛ بالإضافة إلى أن الشرع علق حل أكل الأموال على التراضي فقال تعالى:  لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ ( )، ومع ذلك لم يفصل في وسائل التعبير عنه كما أننا لا نجد لها تحديدًا دقيقاً في اللغة فيناط حينئذ بالعرف والعرف جار قديمًا وحديثًا على صلاحية الكتابة للتعبير عن الرضا والإرادة، ولذلك فهي صالحة لإنشاء العقود( ).
    وأما ما يذكره أصحاب القول الثاني من القول بأن الكتابة ليست وسيلة من الوسائل المعتبرة في التعبير عن الإرادة لاحتمال التزوير وتحسين الخط، فلا يمكن الاعتماد عليها في إثبات العقود إلا للعاجز فقط فيجاب عنه: بأنه لا يمكن التسليم به؛ لأن التعبير عما في النفس كما يمكن أن يتم عن طريق الخطاب فإنه يمكن أن يتم عن طريق الكتابة. خاصة وإن العرف جار قديمًا وحديثًا على اعتماد الكتابة وسيلة من وسائل التعبير عن النفس كالخطاب ودون تمييز بينهما.
وأما احتمال التزوير أو التقليد فيها: فإن ذلك الاحتمال يتلاشى مع دخول القرائن، إضافة إلى أن هذا الكلام يدور حول عملية الإثبات ونحن نتحدث عن الكتابة كونها وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة وليس عن الإثبات. وأما قولـهم بأن الكتابة لم تستعمل وسيلة من وسائل إبرام العقود في عصر النبي  عليه الصلاة والسلام لا نسلم لهم ذلك؛ فالأحاديث الصحيحة شاهدة على أن الرسول قد استعملها في رسائله مع الملوك وغيرهم للتعبير عما يريده منهم من الدخول في الإسلام، ولو سلم ذلك فلا يدل عدم استعمالها في عهده على عدم جواز استعمالها؛ وذلك لأن مبنى هذه الدلالات على العرف، والجمهور على عدم التقيد بالصيغ الواردة في الشرع ما دامت لا تصطدم مع نص شرعي ولا دليل على منع الكتابة, وأما الجواب عما استدل به الحنفية -أصحاب القول الثالث- فيمكن أن يجاب عنه بأن النزاع في الكتابة هل تصلح للدلالة على ما في النفس أم لا؟ فإذا قلنا نعم، فأي تقييد في حقها، وتضييق لنطاقها بما بين الغائبين لا يتفق مع هذا الجواب، ولا مع المبدأ السائد في الشريعة الإسلامية الغراء، القاضي بأن أساس العقود هو الرضا!.. وأما إذا كان الجواب بالنفي فلابد ألا نستثني الغائبين، وأن التعبير عن الرضا ضروري في إنشاء العقد بحيث لا يتم بدونه، كما أنه لا توجد ضرورة بالنسبة للغائبين إذ يمكنهما التوكيل( ).

أقوال العلماء عن عقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية بالصوت والصورة
من المعلوم أن جهاز الهاتف يقوم بنقل كلام المتحدث فيه مباشرة وبدقة متناهية؛ حيث إنه يسمع كلا المتحدثين كلام صاحبه بوضوح ولا يختلف الكلام فيه عن الكلام المباشر، سوى وجود فاصل مكاني بينهما وعدم إمكان رؤية أحدهما للآخر -وإن كانت التكنولوجيا الحديثة قد توصلت إلى اختراع جهاز هاتف ينقل الصورة والصوت معًا- وكذا في حالة وجود كاميرا للكمبيوتر عندهما سويًّا، وعليه فإن صحة التعاقد من خلاله تكون بطريق أولى لزوال احتمال التزوير في مثل هذه الحالة.
ومن هنا فإذا انتهى عقد ما من خلال الهاتف (المهاتفة بالوسائل الإلكترونية) وتم فيه الإيجاب والقبول مع بقية الشروط المطلوبة فإنه صحيح لا غبار عليه، غير أن عدم رؤية أحدهما للآخر يجعل احتمال التزوير وتقليد صوت شخص آخر واردًا، ولذلك إذا صار النزاع حول ذلك فالقضاء هو الفيصل، وتسمع دعوى من يدعي ذلك ولكن عليه يقع عبء الإثبات.
أما عدم رؤية أحدهما للآخر فليس لـه علاقة بصحة العقود أو عدمها؛ لأن المطلوب في باب العقود سماع الإيجاب والقبول والتقاؤهما، أو إدراكهما بأي وسيلة كانت( ).
فالعقد بالمهاتفة كالعقد بين شخصين بعيدين لا يرى أحدهما الآخر، ولكنه يسمعه. يقول الإمام النووي: « لو تناديا وهما متباعدان وتبايعًا صح البيع بلا خلاف »( ).
بالإضافة إلى أن وجود الساتر بين العاقدين -بل بناؤه- لا يؤثر حتى في خيار المجلس( ) فكيف يؤثر في إنشاء العقد!..
ومن جانب آخر، إن الأساس في العقود هو صدور ما يدل على الرضا بصورة واضحة مفهومة كما تدل على ذلك نصوص الفقهاء ( )، وذلك متحقق في المهاتفة؛ حيث إِن التعبير يتم من خلال اللفظ الذي هو محل الاتفاق بين الفقهاء، وما الهاتف إلا وسيلة لتوصيل الصوت فحسب، وليس وسيلة جديدة، فالقاعدة الأساسية في العقود تحقيق الرضا للطرفين والتعبير عنه، وإظهاره بأي وسيلة مفهومة كما أن العرف لـه دور أساسي في باب العقود. يقول ابن نجيم الحنفي: « واعلم أن اعتبار العادة والعرف يرجع إليه في الفقه في مسائل كثيرة حتى جعلوا ذلك أصلاً، فقالوا في باب ما تترك به الحقيقة: تترك الحقيقة بدلالة الاستعمال والعادة »( ).
ويقول الدسوقي: « والحاصل أن المطلوب في انعقاد البيع ما يدل على الرضا عرفًا »( )، وجاء في المجموع: « ولم يثبت في الشرع لفظ لـه -أي للعقد- فوجب الرجوع إلى العرف فكل ما عده الناس بيعًا كان بيعًا »( ).
ويقول ابن قدامة: « إن الله أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف »( ).
والخلاصة أن اللفظ -كما يقول الشاطبي-: « إنما هو وسيلة إلى تحقيق المعنى المراد والمعنى هو المقصود... »( ).
ومن هنا فما التليفون إلا آلة معبرة عرفًا لتوصيل تلك الوسيلة -اللفظ- إلى سمع الآخر فيكون مقبولاً شرعًا( ).

ضوابط ينبغي التنبيه عليها إذا كان عقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترنية بالصوت والصورة وما أشبه ذلك:
أولاً: إن العقود بالهاتف ونحوه إنما تصح فيما لا يشترط فيه القبض الفوري، أما إذا بيع ربوي بمثله فلا يصح العقد بالهاتف أو مثله ، إلا إذا تم القبض كأن يكون لكل واحد منهما وكيل بالتسليم عند الآخر، أو عن طريق بنك لدى كل واحد منهما فيه رصيد لكليهما، أو نحو ذلك بما يتعلق بموضوع القبض( )، كما دل على اشتراط القبض الفوري الأحاديث الثابتة، وإجماع العلماء من حيث المبدأ. فمن الأحاديث الصحيحة حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: « الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد »( ).
ثانيًا: كذلك الحكم في عقد السلم يشترط فيه القبص الفوري حيث يجب تسليم الثمن (رأس مال السلم) في مجلس العقد خلافًا للمالكية حيث أجازوا تأخيره ثلاثة أيام، ولكنهم اختلفوا فيما لو تأخر تسليمه أكثر من ثلاثة أيام بدون اشتراط التأخير، حيث ذهب بعضهم إلى فساده، وبعضهم إلى صحته. أما إذا كان التأخير عن الثلاثة باشتراط، فقد فسد العقد بالاتفاق( ).

دور خيار الرؤية في البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية :
أولا : كما علما بأن خيار الرؤية هو وهو أن يشتري شيئا " لم يره، فإذا رآه كان بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه .وعند الحنفية: هو أن يشتري ما لم يره، ويرده بخياره.وعند الجعفرية: هو أن يقول: بعتك هذا الثوب الذي في الصندوق مثلا، فيذكر جنسه، وصفته. فإذا تطلعنا إلى أقوال العلماء السابقة في حكم عقود البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية وعند فهم الباحث على أن  لا يشترط الرؤية  أحدهما للآخر فليس لـه علاقة بصحة العقود أو عدمها؛ لأن المطلوب في باب العقود سماع الإيجاب والقبول والتقاؤهما، أو إدراكهما بأي وسيلة كانت( ).
    على الرغم ذلك لخيار الرؤية دور هام في دفع الغرر والغبن والخداع عند التعاقد عن طريق الوسائل الإلوكترانية من البائع للمشتري, فقد وقع كثير من الناس في هذه المسألة خاصة التعامل مع الإنترنت ومثله. فمثلا أن هناك المشتري يريد شراء السيارة فطلب من صديقه أن يختار له السيارة الفولفو ثم بعد ثقة المشتري عند صاحبة والشركة التي يباع فيها السيارة بدأ المشترى إرسال النقود من خلال البنك ولكن مع الأسف فلما جاءت السيارة وأخذها إلى مكان الصيانة وجدت منها السيارة خللا وعيبا أن الميكانيك لها فاسدة لقد خدع المشترى بذلك الفعل .
فخيار الرؤية يدافع المشتري عن الغبن والغرر  لقد ثبت في السنة النبوية الحنيفة : ( لا ضرر ولا ضرار ) والمراد منه أن الخداع والغبن حرام في البيوع.
وهناك مصالح كثيرة ودور هام من خيار الرؤية في حكم البيوع في الفقه الإسلامي وسنبينه فيما بعد ( الفصل الرابع : عن دور خيار الرؤية في حكم البيوع في الفقه الإسلامي ) والله تعالى أعلم بالصواب.  

    ثانيا : وفي نظري أن العلماء لا يختلف في إثبات خيار الرؤية للمشتري بعد صحة البيع ( إذا كان المبيع يختلف بصفته في العقد فله حق بإرجاع المبيع إلى البائع ) وتطبيقاته في المعاصرة وإنما اختلافهم يدور حول الغرر الذي سيترتب على صحة البيع أو فساده. إما في الجهل بجنس المبيع, أو نوعه أو صفته وكذلك اختلفوا في صحة البيع مع وجود الغرر الكثير أو القليل.  
   



الفصل الرابع : أنواع البيوع وأحكامه في الفقه الإسلامي   
المبحث الأول : أنواع البيوع المشروعة
يستقرئ بعض أهل العلم أنواع البيوع فيجعلها خمسة :
الأول : بيع المساومة، ويقال: المماكسة، أو المكايسة.
معناه : مبادلة السلعة المباعة بما يتراضى العاقدان ، وقطع النظر عن الثمن الاول الذي اشتريت به السلعة 
الثاني : بيع المزايدة.
معناه : عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداء أو كتابة للمشاركة في المزاد ويتم عند رضا البائع.
الثالث : بيع المرابحة.
معناه : بيع بمثل الثمن الأول وزيادة ربح معلوم متفق عليه بين المتعاقدين
الرابع : بيع الوفاء.
معناه : البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري المبيع إليه , وإنما سمي ( بيع الوفاء ) لأن المشتري يلزمه الوفاء بالشرط .
الخامس : بيع المعاطاة.
أو بيع المراوضة : هو أن يتفق المتعاقدان على ثمن ومثمن، ويعطيا من غير إيجاب ولا قبول، وقد يوجد لفظ من أحدهما.
ومنهم من يجعل بيع المرابحة منه، فتكون أقسامه ثلاثة:
بيع المرابحة: وهو البيع بأزيد من رأس المال.
بيع الوضيعة: وهو البيع بأنقص من رأس المال.
بيع التولية: وهو البيع برأس المال سواء.
وإنما سميت هذه (بيوع أمان) للإتمان بين الطرفين على صحة خبر
رب السلعة بمقدار رأس المال.
فبيع المرابحة مثلاً: حقيقته بيع السلعة بثمنها المعلوم بين
المتعاقدين، بربح معلوم بينهما. ويسمى أيضاً (بيع السلم الحال)  .
 المبحث الثاني : أنواع البيوع المحرمة  
البيوع الممنوعة أو المنهي عنها في الإسلام كثيرة، لا فرق فيها عند الجمهور بين باطل وفاسد، وفرق الحنفية بينهما، كما تقدم، وقد عرفنا طائفة من هذه البيوع،أذكر هنا أهمها بالنظر إلى سبب الخلل الذي صاحبها، وهو أنواع أربعة:
بسبب أهلية العاقد: وبسبب الصيغة، وبسبب المعقود عليه أو محل التعاقد، وبسبب اقتران العقد بوصف أو شرط أو نهي شرعي.
أولاً ـ البيوع الممنوعة بسبب أهلية العاقد :
اتفق الفقهاء على أنه يصح البيع من كل بالغ عاقل مختار مطلق التصرف غير محجور عليه لحق نفسه كالسفيه أو لحق غيره كالمدين. وأما من لا يصح بيعه فهو ما يأتي:
1 - بيع المجنون: لا يصح بالاتفاق، لانعدام الأهلية، ومثله المغمى عليه والسكران والمخدَّر.
2 - بيع الصبي: لا يصح بيع غير المميز اتفاقاً إلا في الشيء اليسير، وأما المميز فلا يصح بيعه عند الشافعية والحنابلة؛ لعدم الأهلية، ويصح بيعه موقوفاً على إذن وليه أو إجازته عند الحنفية والمالكية، فإذا أجيز صار نافذاً، إذ لا يمكن اختباره إلا بتفويض التصرف إليه بالبيع والشراء، عملاً بالآية: {وابتلوا اليتامى...} [النساء:6/4] ويصح تصرف المميز والسفيه بإذن وليهما عند الحنابلة.
3 - بيع الأعمى : إذا وصف له المبيع صحيح عند الجمهور، لوجود الرضا، باطل غير صحيح عند الشافعية لقصوره في إدراك الجيد والرديء، فيكون المعقود عليه في حقه مجهولاً.
4 - بيع المكره: موقوف غير نافذ كالفضولي على التحقيق عند الحنفية، فإذا أجازه المكره بعد زوال الإكراه نفذ. وغير لازم في رأي المالكية، فيكون له الخيار بين فسخ العقد وإمضائه، وغير صحيح في مذهبي الشافعية والحنابلة لعدم توافر الرضا عند إبرام العقد.
5 - بيع الفضولي : صحيح موقوف على إجازة المالك الحقيقي في رأي الحنفية والمالكية؛ لأن الإجازة اللاحقة كالإذن السابق. ولا يصح أصلاً عند الشافعية والحنابلة، للنهي عن بيع ما لم يملكه الإنسان، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
6 - بيع المحجور عليه : بسبب السفه أو الإفلاس أو المرض: أما السفيه المبذر فبيعه موقوف عند الحنفية والمالكية وفي الراجح لدى الحنابلة، ولا يصح في رأي الشافعية لعدم أهليته، وعدم اعتبار كلامه. وأما المفلس بسبب الحكم عليه بالإفلاس لحق الدائنين الغرماء فتصرفه بالبيع موقوف عند الحنفية والمالكية، غير صحيح لدى الشافعية والحنابلة.
وأما المريض مرض الموت فتبرعاته عند الجمهور غير المالكية نافذة في حدود ثلث التركة، موقوفة في الزائد عن الثلث على إجازة الورثة. ولا ينفذ تبرعه من الثلث في مذهب المالكية في المنقول، وينفذ من العقار كدار وأرض وشجر ونحوها مما لا يخشى تغييره.
7 - بيع المُلْجَأ : وهو المضطر إلى البيع لتهريب أمواله من وجه ظالم. وبيعه فاسد عند الحنفية، باطل عند الحنابلة.
ثانياً ـ البيوع الممنوعة بسبب الصيغة :
يصح البيع بالاتفاق بتراضي العاقدين، وتوافق الإيجاب والقبول فيما يجب التراضي عليه من مبيع وثمن وغيرهما، وكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد دون أن يحدث بينهما فاصل. ولا يصح البيع في حالات، منها ما يأتي:
1 - بيع المعاطاة : المعاطاة: أن يتفق العاقدان على ثمن ومثمن، ويعطيا من غير إيجاب ولا قبول، وقد يوجد لفظ من أحدهما. وهو بيع صحيح عند الجمهور؛ لأن البيع ينعقد بكل ما يدل على الرضا بتبادل الملك في الأموال، سواء بالصيغة المعبرة عن الإرادة صراحة من إيجاب وقبول، أم بما يدل على الرضا عرفاً، اعتباراً بعرف الناس واحتراماً لعاداتهم السائدة فيما بينهم، ما لم تصادم نصاً من نصوص الشرع. فيصح البيع باللفظ أو الإشارة أو بغيرهما، ما دام يدل على المقصود من العلم بتراضي العاقدين، ولم يثبت اشتراط لفظ، فيرجع للعرف كسائر الألفاظ المطلقة. ولا ينعقد البيع بالمعاطاة عند الشافعية ( ) ، بل لا بد من الإيجاب والقبول في كل عقد بيعاً وإجارة ورهناً وهبة ونحوها؛ لأن اسم البيع لا يقع عليه، ولعدم توافر الدليل الظاهر المطلوب شرعاً الدال على الرضا؛ لأن البيع منوط بالرضا، لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) } [النساء:29/4] ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «إنما البيع عن تراض» ( ) والرضا أمر خفي لا يطلع عليه، فأنيط الحكم بسبب ظاهر، وهو الصيغة، فلا ينعقد بالمعاطاة، إذ الفعل لا يدل بوضعه، فيكون المقبوض بالمعاطاة كالمقبوض ببيع فاسد، فيطالب كل عاقد صاحبه بما دفع إليه إن بقي، وببدله إن تلف.
وأجاز بعض الشافعية كابن سريج والرُوياني المعاطاة في المحقَّرات: وهي ماجرت العادة فيها بالمعاطاة، كرطل خبز، وحزمة بقل. وقال بعضهم: كل من وسم بالبيع، اكتفي منه بالمعاطاة، كالعامي والتاجر، وكل من لم يعرف بذلك لا يصح منه إلا باللفظ. وقال النووي في المجموع: وأما إذا كان يأخذ من البياع ويحاسبه بعد مدة ويعطيه، كما يفعل كثير من الناس، فإنه باطل بلا خلاف؛ لأنه ليس ببيع لفظي ولا معاطاة. وصحح النووي المعاطاة، فقال: المختار والراجح دليلاً الصحة؛ لأنه لم يصح في الشرع اعتبار لفظ، فوجب الرجوع إلى العرف، كغيره من الألفاظ
2 - البيع بالمراسلة أو بواسطة رسول : يصح اتفاقاً، ويكون مجلس التعاقد هومجلس بلوغ الرسالة من العاقد الأول إلى العاقد الثاني، فإن تم القبول بعد هذا المجلس لم ينعقد العقد.
3 - بيع الأخرس بالإشارة المفهومة أو الكتابة : صحيح اتفاقاً، كالنطق من الناطق، للضرورة؛ لأن ذلك يدل على ما في فؤاده، كما يدل عليه النطق من الناطق، فإن لم تكن له إشارة مفهومة ولا يحسن الكتابة لم يصح عقده.
4 - البيع مع غائب عن مجلس العقد: لا يصح اتفاقاً؛ لأن اتحاد المجلس شرط لانعقاد البيع.
5 - البيع مع عدم تطابق القبول والإيجاب : لا يصح اتفاقاً، إلا إذا كانت المخالفة إلى خير، كزيادة المشتري على الثمن المتفق عليه، يصح بها العقد عند الحنفية، ولا يصح عند الشافعية.
6 - البيع غير المنجز : وهو المعلق على شرط أو المضاف لوقت في المستقبل: فاسد عند الحنفية، باطل عند الجمهور.

ثالثاً ـ البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه
(محل التعاقد ) :المعقود عليه بالمعنى الأعم: هو المال المبذول من كلا المتعاقدين، ويسمى أحد البدلين مبيعاً، ويسمى الآخر ثمناً.
وقد اتفق الفقهاء على صحة البيع إذا كان المعقود عليه مالاً متقوماً محرزاً موجوداً، مقدوراً على تسليمه، معلوماً للعاقدين، لم يتعلق به حق الغير، ولم ينه عنه الشرع. واختلفوا في صفة بعض البيوع المنهي عنها على النحو التالي:
1 - بيع المعدوم أو ماله خطر العدم : كبيع المضامين (ما في أصلاب الذكور) والملاقيح (ما في أصلاب الإناث) وحبل الحبلة (نتاج النتاج) : باطل لا ينعقد باتفاق أئمة المذاهب الأربعة، للنهي عنه في الأحاديث الصحيحة.
2 - بيع معجوز التسليم : كالطير في الهواء والسمك في الماء، باطل لا ينعقد باتفاق المذاهب، للنهي الثابت عنه في السنة.
3 - بيع الدين نسيئة : وهو بيع الكالئ بالكالئ: باطل اتفاقاً، للنهي عنه شرعاً. وبيع الدين للمدين في الحال جائز اتفاقاً، وبيع الدين لغير المدين في الحال باطل عند الحنفية والحنابلة والظاهرية، جائز في المذاهب الأخرى.

4 - بيع الغرر الفاحش أو غير اليسير : وهو غير المتحقق الموجود، لا يصح اتفاقاً للنهي عنه، لكن منه ما هو باطل اتفاقاً كبيع الملاقيح والمضامين وحبل الحبلة، ومنه ما هو فاسد في اصطلاح الحنفية باطل عند غيرهم: وهو بيع ضربة القانص والغائص والمزابنة (بيع الرطب على النخل، والعنب على الكرمة بثمر مقطوع، بالحزر والتخمين) والمحاقلة (بيع الحنطة في سنبلها بمثلها بالحرز والتخمين) والملامسة (تنجيز البيع بمجرد اللمس) والمنابذة (إبرام البيع بمجرد نبذ المبيع إلى المشتري أو بنبذ أحد المبيعات) وبيع الحصاة (ما تقع عليه الحصاة)، وبيع المجهول من أصناف متعددة أكثر من ثلاثة. قال ابن جزي المالكي ( ) :

الغرر الممنوع عشرة أنواع:
النوع الأول ـ تعذر التسليم كالبعير الشارد، ومنه بيع الجنين في البطن دون بيع أمه، وكذلك استثناؤه في بطن أمه، وكذلك بيع ما لم يخلق كبيع حبل الحبلة: وهو نتاج ما تنتج الناقة، وبيع المضامين: وهي ما في ظهور الفحول.
النوع الثاني ـ الجهل بجنس الثمن أو المثمون: كقوله: بعتك ما في كمي.
النوع الثالث ـ الجهل بصفة أحدهما، كقوله: بعتك ثوباً من منزلي، أو بيع الشيء من غير تقليب ولا وصف.
النوع الرابع ـ الجهل بمقدار المبيع أو الثمن، مثل الثاني: بعت منك بسعر اليوم، أو بما يبيع الناس، أو بما يقول فلان إلا بيع الجزاف يجوز.
ومثال الأول: لايجوز بيع القمح في سنبله للجهل به، ويجوز بيعه مع سنبله، خلافاً للشافعي، وكذلك لايجوز بيعه في تبنه، ويجوز بيعه مع تبنه، ولا يجوز بيع تراب الصاغة، ويجوز بيع الفول الأخضر والجوز واللوز في القشر الأعلى، خلافاً للشافعي.
النوع الخامس ـ الجهل بالأجل: مثل بعتك إلى قدوم زيد أو إلى موت عمرو، ويجوز أن يقول: إلى الحصاد، أو إلى معظم الدراس أو إلى شهر كذا، ويحمل على وسطه.
النوع السادس ـ بيعتان في بيعة: وهو أن يبيع مبيعاً واحداً بأحد ثمنين مختلفين، أو يبيع أحد مبيعين بثمن واحد،
 فالأول: أن يقول: بعتك هذا الثوب بعشرة نقداً، أو بعشرين، إلى أجل، على أن البيع قد لزم في أحدهما.
والثاني ـ أن يقول: بعتك أحد هذين الثوبين بكذا، على أن البيع قد لزم في أحدهما.
النوع السابع ـ بيع ما لا ترجى سلامته، كالمريض في السباق.
النوع الثامن ـ بيع الحصى: هو أن يكون بيده حصى، فإذا سقطت وجب البيع.
النوع التاسع ـ بيع المنابذة: وهو أن ينبذ أحدهما ثوبه إلى الآخر، وينبذ الآخر ثوبه إليه، فيجب البيع بذلك.
النوع العاشر ـ بيع الملامسة: وهو أن يلمس الثوب، فيلزمه البيع بلمسه، وإن لم يتبينه. وحاصل هذه الأنواع يرجع إلى بيع معجوز التسليم، وبيع المجهول، وبيع الأشياء المحتملة، وبيع الحصى وبيع المنابذة وبيع الملامسة.
5 - بيع النجس والمتنجس : لا يصح اتفاقاً بيع النجس كالخمر والخنزير والميتة والدم، ولا يصح عند الجمهور أيضاً بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره كالسمن والزيت والعسل الذي وقعت فيه نجاسة كفأرة مثلاً. وأجاز المالكية الاستصباح وعمل الصابون بالزيت النجس، وأباح الحنفية بيع المتنجس لغير الأكل كالدبغ والدهان والاستضاءة في غير المسجد، ما عدا دهن الميتة، فإنه لا يحل الانتفاع به، تنزهاً عن فعل اليهود، حينما حرمت عليهم الميتة أذابوها وباعوها وأكلوا ثمنها. وكذلك بيع المعازف (آلات الطرب) لا يصح في رأي الجمهور للنهي عن الانتفاع بها، وأجاز الظاهرية وبعض المالكية بيعها، للأحاديث الثابتة الدالة على جواز ضرب الدف ونحوه.
6 - بيع الماء : يجوز عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة بيع الماء المملوك، أو المحرز في الأواني، أو ماء العين أو البئر. وقال الظاهرية: لا يحل بيع الماء مطلقاً. واتفق العلماء على أنه لا يصح بيع الماء المباح أي الماء العام المشترك بين الناس؛ لأن الناس شركاء فيه وفي النار والكلأ والملح.
7 - بيع المجهول : البيع المشتمل على جهالة فاحشة في المبيع أو الثمن أو الأجل أو نوع المرهون أو الكفيل فاسد عند الحنفية، باطل في رأي الجمهور؛ لأنه يفضي إلى النزاع والخلاف.
8 - بيع الشيء الغائب عن المجلس أو غير المرئي : يصح في رأي الحنفية من غير رؤية ولا وصف، وللمشتري الخيار عند الرؤية، ويصح في رأي المالكية على الصفة، ويثبت فيه خيار الرؤية. ولا يصح مطلقاً عند الشافعية، والحنابلة في الأظهر.

لكن اشترط المالكية  في البيع على الصفة خمسة شروط:
الأول ـ ألا يكون بعيداً جداً كالأندلس وإفريقية.
الثاني ـ ألا يكون قريباً جداً كالحاضر في البلد.
الثالث ـ أن يصفه غير البائع.
الرابع ـ أن يحصر الأوصاف المقصودة كلها.
الخامس ـ ألا ينقد ثمنه بشرط من البائع إلا في المأمون التغير كالعقار. ويجوز النقد من غير شرط.
ثم إن خرج المبيع على حسب الصفة والرؤية لزم البيع، وإن خرج على خلاف ذلك، فللمشتري الخيار.
ويجوز بيع ما في الأعدال من الثياب على وصف البرنامج  ، بخلاف الثوب المطوي دون تقليب ونشر.
9 - بيع الشيء قبل القبض:
لا يجوز في رأي الحنفية بيع المنقول قبل القبض، للنهي عنه، ويجوز بيع العقار قبل القبض؛ لأنه مأمون التغير غالباً. ولا يجوز إطلاقاً في رأي الشافعية، لعموم النهي: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم»  . وخصص المالكية المنع في الطعام، سواء أكان ربوياً أم غير ربوي. وقصر الحنابلة المنع على الطعام المكيل أو الموزون أو المعدود، لحديث: «إذا ابتعت طعاماً فلا تبعه حتى تستوفيه»   .
10 - بيع الثمار أو الزروع: باطل لا ينعقد اتفاقاً إذا كان قبل أن تخلق؛ لأنه معدوم. أما بعد أن تخلق: فإن كان قبل بدو الصلاح بشرط الترك أو الإبقاء، فلا يصح إجماعاً، والبيع فاسد عند الحنفية، باطل عند الجمهور. وإن كان بشرط القطع في الحال فيصح بالإجماع، وهو صحيح عند الحنفية إذا كان البيع مطلقاً عن الشرط، غير صحيح عند الجمهور.
وإن كان بعد بدو الصلاح، جاز بيعه على المفتى به عند الحنفية من رأي محمد بن الحسن ولو بشرط الترك إن تناهى عظمه، ويفسد إن لم يتناه عظمه. ويجوز بيعه مطلقاً ولو بشرط الترك في رأي الجمهور.

رابعاً ـ البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي :
يصح البيع اتفاقاً إذا اكتملت أركانه وشروطه، ولم يكن مشتملاً على صفة ضارة بالمجتمع، أو شرط مخالف لمقتضى العقد، أو لاعتبارات أخرى خارجة عن العقد، كما في الحالات التالية:
1 - بيع العَرَبون : لا يجوز عند الجمهور للنهي عنه في السنة، ويعد فاسداً عند الحنفية، باطلاً عند المالكية والشافعية إن كان على ألا يرد البائع العربون إلى المشتري، إذا لم يتم البيع بينهما. فإن كان على أن يرده إليه إذا لم يتم البيع، فهو جائز.
وهو جائز لا بأس به عند الحنابلة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أحله، لكن لم يثبت حديث كل من الفريقين.
2 - بيع العينة : وهو أن يظهر العاقدان فعل ما يجوز ليتوصلا به إلى ما لا يجوز، فيمنع ويقع باطلاً في رأي المالكية والحنابلة، للتهمة سداً للذرائع. وهو فاسد في رأي أبي حنيفة إن خلا من توسط شخص ثالث، وصحيح مع الكراهة في رأي الشافعية والظاهرية.

3 - بيع الربا : ربا النسيئة وربا الفضل فاسد عند الحنفية، باطل عند الجمهور للنهي الثابت عنه في القرآن والسنة النبوية معاً.
4 - البيع بثمن محرَّم كالخمر والخنزير : فاسد عند الحنفية فينعقد بالقيمة، باطل عند الجمهور؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم ـ في حديث البخاري ومسلم ـ حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
5 - بيع حاضر لباد ( ) من الذين لا يعرفون الأسعار، وقيل: لكل وارد على مكان وإن كان من مدينة، وهذا هو المقصود الحقيقي من نهي الشرع. وهو بيع حرام لا يجوز للنهي عنه، وعلة النهي نبه عليها صلّى الله عليه وسلم بقوله: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ( ) وذلك رفقاً بأهل البلد، فالشارع لاحظ مصلحة الجماعة وقدمها على مصلحة الواحد، ومنع أيضاً الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقي عنهم في الرخص وقطع الموارد عنهم، وصورته: أن يجيء البلد غريب بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر، فيقول: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر. وللفقهاء تخصيصات لعموم هذا النهي ( ) ، فقالت الحنفية: إنه يختص المنع (أي كراهة التحريم) من ذلك بزمن الغلاء وبما يحتاج إليه أهل المصر.
وقال الشافعية والحنابلة: إن الممنوع إنما هو أن يجيء البلد بسلعة من يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر، فيقول: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر. قال ابن حجر في الفتح: فجعلوا الحكم منوطاً بالبادي ومن شاركه في معناه، وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب، فألحق به من شاركه في عدم معرفة السعر من الحاضرين.
وجعلت المالكية البداوة قيداً. وعن مالك: لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه، فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق، فليسوا داخلين في ذلك. وحكم هذا البيع فاسد ويجوز فسخه عند المالكية كالنجش، وصحيح عند الحنفية، وفيه الخيار عند الشافعية والحنابلة.
6 - تلقي الركبان : أي الذين يجلبون إلى البلد أرزاق العباد للبيع، سواء أكانوا ركباناً أم مشاة، جماعة أم واحداً. والتلقي محرم، وقال الحنفية: مكروه تحريماً، للنهي الوارد فيه: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد» ( ) وقد خرج الحديث مخرج الغالب في أن الجالب يكون عدداً، ويكون الجالب في الغالب راكباً.

اختلف العلماء في هذا النهي: هل يقتضي الفساد أو لا، فقيل: يقتضي الفساد، وقيل: لا يقتضي ذلك، وهو الظاهر؛ لأن النهي ههنا لأمر خارج وهو لايقتضيه، كما تقرر في الأصول، ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق» ( ) قال ابن تيمية في منتقى الأخبار: وفيه دليل على صحة البيع. فالراجح أن هذا البيع وبيع الحاضر للبادي صحيح غير فاسد، وهو رأي الحنفية، ويثبت فيه خيار الغبن عند الحنابلة والشافعية، ولا يجوز لحق أهل الأسواق ويكون فاسداً عند المالكية.
7 - بيع النجش : قال الشافعي: النجش: أن تحضر السلعة تباع، فيعطي بها الشيء، وهو لا يريد شراءها ليقتدي به السوّام، فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون، لو لم يسمعوا سومه.
فالنجش في الشرع: الزيادة في السلعة، ويقع ذلك بمواطأة البائع، فيشتركان في الإثم. وبعبارة أخرى: الزيادة في ثمن السلعة المعروضة للبيع لا ليشتريها، بل ليغر بذلك غيره. وسمي الناجش في السلعة ناجشاً؛ لأنه يثير الرغبة فيها ويرفع ثمنها. وقد أجمع العلماء على أن الناجش عاص بذلك.
وأما حكم البيع فمختلف فيه: فقال الظاهرية: إنه فاسد. وقال المالكية والحنابلة في المشهور عندهم: البيع صحيح ويثبت فيه الخيار للمشتري، إذا غبن فيه غبناً غير معتاد.
وقال الحنفية، والشافعية في الأصح: البيع صحيح مع الإثم، فهو مكروه تحريماً عند الحنفية، حرام عند الشافعية، لكن لا يكره النجش عند الحنفية إلا إذا زاد المبيع عن قيمته الحقة، فإن لم يكن بلغ القيمة فزاد لا يريد الشراء فجائز، ولا بأس؛ لأنه عون على العدالة.
وأما بيع المزايدة أو المزاد العلني وهو البيع ممن يزيد فجائز ليس من المنهي عنه، كما سأبين هنا وكما تقدمت الإشارة إليه.
بيع المزايدة : هو البيع على الصفة التي فعلها النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد والترمذي عن أنس: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم باع قَدَحاً وحِلْساً ( ) فيمن يزيد» وحكى البخاري عن عطاء: أنه قال: أدركت الناس لا يرون بأساً في بيع المغانم فيمن يزيد ( ) . وروى ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور عن مجاهد قال: لا بأس ببيع من يزيد، وكذلك كانت تباع الأخماس، أي أخماس الغنائم. وقال الترمذي عقب حديث أنس المذكور: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لم يروا بأساً ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث. قال ابن العربي: لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث، فإن الباب واحد والمعنى مشترك.
والظاهر الجواز مطلقاً؛ لأن القدح والحلس في حديث أنس المذكور لم يكونا من ميراث أو غنيمة، ويكون ذكرهما خارجاً مخرج الغالب؛ لأنهما الغالب على ماكانوا يعتادون البيع فيه مزايدة ( ) .
وبيع المزاد : أن يعرض البائع السلعة على جمهور الناس، فيزيد في السعر من يشاء، ثم يستقر البيع على الشخص الذي يعرض آخر سعر.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه كره بيع المزايدة، واحتج بحديث جابر الثابت في الصحيح أنه صلّى الله عليه وسلم قال في مدبّر: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مئة درهم. قال الإسماعيلي: ليس في قصة المدبر بيع المزايدة، فإن بيع المزايدة: أن يعطي به واحد ثمناً ، ثم يعطي به غيره زيادة عليه.
ولفظ حديث أنس عند أبي داود وأحمد: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نادى على قدح وحلس لبعض أصحابه، فقال رجل: هما علي بدرهم، ثم قال آخر: هما علي بدرهمين» .
8 - البيع وقت النداء لصلاة الجمعة : من حين يصعد الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة، وعند الحنفية: من الأذان الأول.
وهو مكروه تحريماً عند الحنفية، صحيح حرام عند الشافعية، ويفسخ في المشهور عند المالكية، ولا يصح أصلاً عند الحنابلة.
9 - بيع العنب لعاصر الخمر: صحيح في الظاهر مكروه تحريماً عند الحنفية وحرام عند الشافعية، لاستيفاء العقد شروطه وأركانه الشرعية، والإثم بسبب النية الفاسدة أو الباعث غير المشروع. ومثله بيع السيف لمن يقتل به غيره ظلماً، وبيع الشبكة لمن يصطاد في الحرم، وبيع الخشب لمن يتخذ منه الملاهي.
وهو باطل في رأي المالكية والحنابلة سداً للذرائع، مثل بيع السلاح في الفتنة أو لقطاع الطريق، وبيع العينة المتخذ وسيلة للربا؛ لأن مايتوصل به إلى الحرام حرام، ولو بالقصد أو النية.
10 - بيع الأم دون ولدها الصغير أو بيعه دونها :
لايجوز حتى يستغني الولد، بسبب التفريق بينهما، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن التفريق بين المحارم، فقال: { من فرّق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } ( ) وأجاز المالكية التفريق بين الولد وبين والده، لكن ورد النهي عن ذلك أيضاً: { لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم من فرق بين الوالد وولده، وبين الأخ وأخيه } ( ) فهذا إن صح أولى بالعمل.
وحكم البيع الأول أنه فاسد لاينعقد في رأي الجمهور. وقال أبو حنيفة: إنه ينعقد البيع.

11 - بيع الإنسان على بيع أخيه :
وصورته: أن يكون قد وقع البيع بالخيار، فيأتي في مدة الخيار رجل، فيقول للمشتري: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أحسن منه. والشراء على الشراء: هو أن يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن. والسوم على السوم: أن يكون قد اتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع، ولم يعقداه، فيقول آخر للبائع: أنا أشتريه منك بأكثر، بعد أن كانا قد اتفقا على الثمن.
وقد أجمع العلماء على تحريم هذه الصور كلها، وأن فاعلها عاص ( ) ؛ للحديث: « لايبع أحدكم على بيع أخيه » ( ) أي في الدين، وهذا في رأي أكثر العلماء خرج مخرج الغالب،فلا اعتبار لمفهومه، وأنه يحرم أيضاً على بيع الكافر. وأما حكم البيع المذكور فمختلف فيه: فذهب الحنفية والشافعية إلى صحته مع الإثم. وذهبت الحنابلة وابن حزم الظاهري والمالكية في إحدى الروايتين عنهم إلى فساده، ولكن المعتمد في رأي المالكية وغيرهم ماعدا ابن حزم: بعد الركون والتقارب ( ) ؛ لأن السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد لايحرم اتفاقاً، كما حكى ابن حجر عن ابن عبد البر، فتعين أن السوم المحرَّم: ماوقع فيه قدر زائد على ذلك.
12 - بيع وشرط: وهو الذي يسميه الفقهاء بيع الثنيا، وللفقهاء تفصيل في حكمه.
فقال الحنفية، يفسد البيع بالشرط الفاسد: وهو الذي لايقتضيه العقد ولايلائمه ولا ورد به الشرع، ولايتعارفه الناس، وإنما فيه منفعة لأحد المتعاقدين كأن يشتري شخص قماشاً على أن يخيطه البائع قميصاً. ويصح العقد ويلغو الشرط الباطل: وهو ماكان فيه ضرر لأحد العاقدين، كأن يبيع إنسان شيئاً بشرط ألا يبيعه المشتري أو لا يهبه.
وقال المالكية: يبطل البيع والشرط، إن اقتضى الشرط منع المشتري من تصرف عام أو خاص، خلافاً للحنفية في الشرط الباطل. ويجوز البيع والشرط إن اشترط البائع منفعةنفسه، خلافاً للحنفية أيضاً في الشرط الفاسد. ويجوز البيع ويبطل الشرط إن عاد الشرط بخلل في الثمن، مثل: «إن لم تأت بالثمن إلى ثلاثة أيام، فلا بيع بيننا» فإن قال البائع: ( متى جئتك بالثمن، رددت إلي المبيع ) لم يجز، وهو المعروف عند الحنفية ببيع الوفاء.
ورأى الشافعية: أنه يصح العقد والشرط إن كان فيه مصلحة لأحد العاقدين كالخيار والأجل والرهن والكفالة. ويبطل البيع إن كان الشرط منافياً مقتضى العقد، مثل ألا يبيع المبيع أو لا يهبه، وهذا موافق للمالكية.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يبطل البيع بشرط واحد فيه منفعة لأحد العاقدين، ويبطل بالشرطين، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك» ( ) .
وبناء عليه، أجمع العلماء إلى أنه لا يجوز اشتراط السلف من أحد المتبايعين، إذا عزم مشترطه عليه، فإن أسقطه جاز البيع عند المالكية، ولم يجز عند الجمهور.
13 - الجمع في صفقة واحدة بين البيع وبين أحد ستة عقود: وهي الجعالة، والصرف، والمساقاة، والشركة، والنكاح، والقراض (المضاربة): هو فاسد ممنوع في المشهور عند المالكية.
وأجازه أشهب، ونقل ابن جزي  أن ذلك وفاق للشافعي وأبي حنيفة.
وأجاز المالكية الجمع بين البيع والإجارة، وبين البيعتين في البيعة ويكون هذا من باب الخيار. ومنع الجمهور ذلك، واعتبر الحنفية البيع فاسداً، والشافعية والحنابلة اعتبروه باطلاً.
البيوع الباطلة لدى الشافعية ( ) :
هي كثيرة، أهمها واحد وثلاثون وهي:
1 - بيع ما لم يقبض إلا في ميراث وموصى به ورزق سلطان عيِّن لمستحق في بيت المال قدر حصته أو أقل، وغنيمة، ووقف، وموهوب استرجع، وصيد في شبكة ونحوها، ومُسْلَم فيه،ومكترى ومشترك ومال قراض، ومرهون بعد انفكاكه.
2 - بيع ما عَجَز عن تسليمه حالاً، كالطير في الهواء، إلا في ستة أشياء وهي: إجارة، وسَلَم، وغلة كثيرة لا يمكن كيلها إلا في زمن طويل، ومغصوب أو آبق لقادر عليه، وعَيْن من منقول أو عقار ببلد آخر و نحوه، فيصح البيع في كل منها وإن عجز عن تسليمه في الحال؛ لأن المشتري يصل إلى غرضه فيها.
3 - بيع حَبَل الحَبَلة: كأن يقول: إذا نُتجت هذه الناقة، ثم نتجت التي في بطنها فقد بعتك ولدها، أو بأن يشتري شيئاً بثمن مؤجل بنتاج ناقة معيَّنة، ثم نتاج ما في بطنها.
4 - بيع المضامين: وهي ما في أصلاب الفحول.
5 - وبيع الملاقيح: وهي ما في بطون الإناث.
6 - بيع بشرط إلا بشرط رَهْن أو كفيل أو إشهاد أو خيار، أو أجل، أو إعتاق، أو براءة من العيوب، فيبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه، أو نقل المبيع من مكان البائع أو قطع الثمار، أو تبقيتها بعد الصلاح، أو بشرط وصف يُقصد ككون الآلة الكاتبة تكتب بلغات معينة، أو بشرط ألا يُسَلِّم البائع المبيع حتى يستوفي ثمنه في الحال، أو بشرط الرد بعيب.
7 - بيع الملامسة: كأن يلمس ثوباً مطوياً أو في ظلمة، ثم يشتريه على ألا خيار له إذا رآه، اكتفاءً بلمسه عن رؤيته.
8 - بيع المنابذة: بإن ينبُذ كل منهما ثوبه على أن أحدهما بالآخر، ولا خيار إذا عَرَفا الطول والعرض، أو بأن ينبذه إليه بثمن معلوم.
9 - بيع المحاقلة: وهو بيع البر في سنبله.
10 - بيع ما لم يُمْلَك إلا في سَلَم، وإجارة وربا واقعين على ما في الذمة، فيصح كل منهما، وإن كانت المنفعة والمسلم فيه والمبيع غير مملوكة حالة العقد، فيصح بيع المسلم فيه، كقدر من البر صفته كذا، وثوب صفته كذا، وإن لم يكن عند المسلم إلىه شيء من البر أو الثياب حال العقد. ويصح إجارة شيء في ا لذمة، كأن أجره دابة في ذمته ليركب عليها إلى مكة مثلاً أول شهر كذا، ولم يكن في ملكه وقت العقد شيء من نوع الدابة ولاجنسها، وبحصلها بعد ذلك. ويصح مبايعة مال ربوي في الذمة بمال آخر في الذمة، كأن يبيع شخص لآخر صاع بُرّ مثلاً بصاع آخر في ذمته، ولم يكن واحد منهما مالكاً له حال العقد، ثم قبل تفرقهما من المجلس يحصلان ذلك بقرض أو اتهاب أو نحوهما، ويتقابضان قبل التفرق.
والدليل على بطلان بيع غير المملوك خبر: «لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك» ( ) وبناء عليه قالوا: بيع الفضولي باطل.
11 - بيع لحم بحيوان ولو غير مأكول، كبيع لحم بقر ببقر أو بشاة، أو بحمار للنهي في خبر الترمذي.
12 - بيع شاة لبون ( ) بمثلها. وكذا بيع كل حيوان مأكول أو فيه بيض بمثله، لجهالة ما يقابل اللبن ونحوه من الثمن، فهو كبيع درهم وثوب بدرهم وثوب.
13 - بيع الحصاة: كأن يبيعه من هذه الأثواب ما تقع عليه الحصاة.
14 - بيع الماء الجاري أو النابع وحده ولو مدة معلومة؛ لأنه غير مملوك وللجهل بقدره؛ لأنه يزيد شيئاً فشيئاً ويختلط المبيع بغيره، فيتعذر التسليم. فإن باعه بشرط أخذه الآن صح. فإن كان راكداً، جاز بيعه، بشرط تقديره بكيل أو وزن أو مسح بالأذرع.
15 - بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بغير شرط القطع، أي بشرط الإبقاء أو مطلقاً للنهي عن بيعها قبل الصلاح، أما بيعها بشرط القطع قبل الصلاح أو بغيره بعده فجائز. فإن باع نخلاً وعليه ثمرة مؤبرة، فهي للبائع، أو غير مؤبرة فللمشتري.
16، 17 - بيع رُطب بمثله أو بتمر، أو بيع عنب بمثله أو بزبيب، للجهل الآن بالمماثلة وقت الجفاف، لأنه «صلّى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا جف؟ فقالوا: نعم، فقال: فلا إذن»  . لكن يجوز البيع للحاجة فيما دون خمسة أوسق   .
18، 19 - بيع بُرّ بمثله أو بجاف، متفاضلين إن اتحد الجنس، للجهل بالمماثلة ولتحقق الربا.
20، 21، 22 - بيع لحم طري بمثله، أو بقديد، وبيع يابس بمثله متفاضلين إن اتحد الجنس، لتحقق الربا، مثل بيع لحم بقر بمثله متفاضلين.
ويلاحظ أن أنواع اللحوم والألبان والأدهان والسمك والخلول وأنواع الخبز أجناس مختلفة كأصولها، فيجوز بيع جنس منها بآخر متفاضلين، فيجوز بيع لحم بقر بلحم ضأن متفاضلين.
23 - بيع نجس ككلب للنهي عن ثمنه، وكخنزير.
24، 25 ، 26 - بيع حر وأم ولد ومكاتب.
27 - بيع حشرات كعقارب وفئران،إذ لا نفع فيها يقابل بالمال.
28 - بيع عَسْب الفحل : وهو أجر ضرابه، للنهي عنه في خبر البخاري.
29 - بيع عبد مسلم لكافر، لما في ملكه له من الإهانة.
30 - بيع الغرر كمسك في صوانه، وصوف على ضهر غنم، للجهل بقدر المبيع.
31 - بيع العرايا: وهو بيع الرطب على الشجر بتمر، أو العنب على الشجر بزبيب على الأرض في خمسة أوسق فأكثر، ويجوز فيما دونها بعد بدو الصلاح؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم رخص في ذلك في الرطب، وقيس به العنب؛ لأن كلاً منهما ربوي، وذلك إن خرص ماعلى الشجر وكيل الآخر، لا إن وزن أحدهما وخرص الآخر.
والبيوع المحرمة غير الباطلة عند الشافعية ثمانية ( ) وهي:
1 - بيع المصرَّاة: وهي الدابة التي يترك حلبها عمداً أياماً ليجتمع اللبن في ضرعها، فيتوهم المشتري كثرة اللبن فيها، فيقبل على شرائها. وهو بيع حرام صحيح، للنهي عنه في حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم: «لاتصروا الإبل والغنم..» .
2 - بيع الحاضر للبادي: وهو أن يتصدى شخص من أهل البلد لمن يريد بيع متاعه من أهل البادية أو غيرها، قائلاً له: لا تبع هذه البضاعة وانتظر حتى أبيعها لك تدريجياً، علماً بأن أهل البلد بحاجة إليها. وهو حرام لحديث ابن عباس عند البخاري ومسلم: «لا يبع حاضر لباد» .
3 - تلقي الركبان: وهو استقبال القادمين بالبضائع خارج البلد لشرائها منهم بسعر أقل من ثمن السوق العام. وهو حرام لحديث أبي هريرة عند مسلم: «لاتلقوا الركبان للبيع» .
4 - الاحتكار: وهو تخزين البضائع التي هي أقوات الناس وانتظار غلاء أسعارها مع حاجة الناس إلىها. وهو حرام لحديث معمر بن عبد الله العدوي عن مسلم: «لايحتكر إلا خاطئ» أي آثم عاصٍ، للتضييق على الناس.
5 - بيع النّجْش: وهو أن يزيد شخص في ثمن السلعة دون قصد شرائها، لإيهام غيره بزيادة الثمن، وهو حرام لحديث عبد الله بن عمر عند البخاري ومسلم: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن النجْش» .
6 - السوم على السوم والبيع على بيع غيره والشراء على الشراء:
يحرم السوم على سوم غيره بعد استقرار الثمن، ويحرم البيع على بيع غيره قبل لزوم البيع في زمن خيار المجلس أو الشرط لتمكنه من الفسخ، بأن يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثل المبيع بأقل من هذا الثمن أو خيراً منه بمثل ثمنه أو أقل. ويحرم الشراء على الشراء في زمن الخيار بأن يأمر المشتري البائع بفسخ البيع ليشتريه بأكثر من ثمنه الذي اشتراه به غيره. والأدلة أحاديث وهي حديث البخاري ومسلم: «لا يسُم المسلم على سوم أخيه» وحديث الصحيحين: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أو «لا يبع الرجل على بيع أخيه» زاد النسائي: «حتى يبتاع أو يذر» وفي معناه الشراء على الشراء. وحكمة التحريم الإيذاء وإثارة العداوة والبغضاء.
7- البيع لمن يعلم أن جميع ماله حرام: كأن يعلم أن مال المشتري ثمن خمر أو خنزير أو ميتة أو كلب، و أن كسبه غير مشروع كالرشوة أو اليانصيب أو القمار أو أجرة عمل حرام كالنواح والرقص ومهر البغي.
فإن لم يكن جميع ماله حراماً، بل كان خليطاً من حرام وحلال، كان التعامل معه مكروهاً، لحديث النعمان بن بشير: «الحلال بيِّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام»
 .
8 - بيع الرُّطب والعنب لعاصر الخمر: يحرم بيع الرطب والعنب ونحوها كتمر وزبيب لعاصر الخمر والنبيذ، أي لمتخذها لذلك بأن يعلم منه ذلك أو يظنه ظناً غالباً.
ومثل ذلك بيع الغلمان المرد ممن عرف بالفجور بالغلمان، وبيع السلاح من باغ وقاطع طريق ونحوهما، وكذا كل تصرف يفضي إلى معصية. أما إذا شك فيما ذكر أو توهمه فالبيع مكروه.

وهذه هي بعض أنواع البيوع المحرمة وكثير لم نذكرها والغرض من ذكر البيان عن أنواع البيوع إنما توضيحا للفصل الخامس ألا وهو دور خيار الرؤية في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي








الفصل الخامس : دور خيار الرؤية في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي
بعد أن انتهينا من الفصل الرابع يبين على أن خيار الرؤية له دور هام في  بعض  أحكام البيوع :
المبحث الأول : أن انعدام خيار الرؤية له دور في تحويل بعض البيوع المشروعة إلى البيوع الممنوعة. وله آثار قوية في إثبات صحة البيوع أو عدمه
الأول : كـ "البيع بالمراسلة أو بواسطة رسول" فحكمه يصح اتفاقاً، ويكون مجلس التعاقد هومجلس بلوغ الرسالة من العاقد الأول إلى العاقد الثاني، فإن تم القبول بعد هذا المجلس لم ينعقد العقد. وإن نفي خيار الرؤية في إتمام القبول من العاقد الأول إلى العاقد الثاني سيكون العقد فاسد ووجه الفساد هو أن نتيجة العقد تعارض مقصود البيع ( مبادلة المال بالمال تمليكا ). وصورته : أن رجلا اشترى سيارة من خلال الإنترنت وطلب من صديقه أن يشتري له تلك السيارة الموصوفة في الإنترنت وبعد أن وجدها صديقه السيارة رأى الرجل أن السيارة تختلف مما وصفت فمن خقه خيار الرؤية وإلا سيخسر الرجل خسرانا مبينا.
والثاني : إن البيع بالوصف مشروع في النصوص الشرعية ويجوز للعاقدين أن يتعامل مع عدم المبيع ولكن وصفه البائع ويجوز بيع الشيء الغائب عن المجلس أو غير المرئي : يصح في رأي الحنفية من غير رؤية ولا وصف , ويصح في رأي المالكية على الصفة، ولكن نفي خيار الرؤية  فيكون عقد البيوع السابق لا يصح.
وصورته : أن رجلا أراد شراء المحمول من خلال تطلعه في أحد مواقع الإنترنت وطلب من صاحب الموقع أن يرسل المحمول لأجل البيع ولما جاء المحمول وجد أن الصفة تختلف من صورته في الإنترنت ومن حقه خيار الرؤية.



المبحث الثاني : أن خيار الرؤية له دور في نفي الضرر في البيع فيه الغرر اليسير 
كمثل شراء الساعة في الصندوق فمن الممكن أن الغرر  فيه كثير ولكن بوجود إثبات صحة البيوع بخيار الرؤية فالمشتري لايخاف أنه خدع عليه البائع. فهذا مطابق بما قاله صلى الله عليه وسلم : لاضرر ولاضرار.      
نعم , إن بعض العلماء كالمالكية يشترط بيع الغرر لابد أن لا تكون مسافة بين العاقدين بعيدة جدا أو قريبة جدا ولكن مع وجود خيار الرؤية وتوافر الوسائل الإلوكترونية اليوم فهذا شيء ممكن ويجوز للعاقدين أن يعقد عقد البيع مهما بعدت مسافته. والله أعلم 

المبحث الثالث : أن خيار الرؤية له دور في تسهيل الناس لعقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.
ويترتب ذلك إلى ازدهار الاقتصاد الإسلامي في الدول الإسلامية. ودل على ذلك على الفقه الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وإن وصل الناس إلى آفاق التقدم من الوسائل الإلوكترونية.
    فمن المحال أن الناس في عصرنا هذا بعدت عن الوسائل الإلوكترونية ومن الصعب أن يترك الإنسان هذه الوسائل لأنه قد يتعود في استهلاكها يوميا. فالإسلام دين يسر وبني على التيسير. قال تعالى : "مايريد الله ليجعل عليكم من حرج".
    وماجاءت الشريعة إلا معها رحمة للناس جميعا وما أمر به الشارع إلا فيه مصالح للناس ومانهى عنه الشارع إلاوفيه ضرر وفساد لهم.

المبحث الرابع  : أن خيار الرؤية له دور في قطع المعاملات الرباوية والخداعية الفاحشة في البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.
    إن مظاهر الخدعة والكذب في عقد البيوع خلال الوسائل الإلوكترونية لاتخفي عن أعيننا لاسيما إذا كان تعامل مع الإنترنت فقد خدع الناس بسبب جهلهم في استهلاك الإنترنت.
    أجل , إن التجارة أو البيع خلال الإنترنت يتميز بمميزات كثيرة منها  :
الأول : تساعد التجارة الالكترونية علي سرعة تلقي طلبات العملاء.
الثاني : تتصل التجارة الالكترونية بكل اماكن العالم وبالتالي تؤدي لتسويق السلع علي مستوي العالم.
الثالث : سهولة طرق الدفع عن طريق وسائل الدفع الالكترونية.
الرابع : لا تحتاج التجارة الالكترونية إلي تكاليف المراسلات والدعاية والتوزيع وغيره من اساليب الاتصالات الهاتفية
ولكن لنرى أيضا بعض الضرر والاحتمالات قد تحدث في عقد البيوع عبر الوسائل الحديثة وهي كالتالي :
الأول : الخوف من اختراق بعض الهاكرز لبعض الموااقع التجارية وهو ما قد يحدث احيانا، وعدم الجدية أو التلاعب في التعامل من قبل البعض.
الثاني : عدم كفاية وسائل الآمان بشكل كاف في طرق السداد.
الثالث : التشريعات التي تنظم التجارة الالكترونية غير متكاملة وقد يكون بها تعارض في مثل هذا النوع.
الرابعة : التقصير في حماية الملكية الفكرية في بعض التشريعات.
ولذلك خيار الرؤية له دور هام في حماية المشتري من الخدعة والضرر في التعامل مع الإنترنت أو الوسائل الأخرى. والله أعلم


   













خاتمة البحث ونتائجه
1.    تعريف خيار الرؤية : الخيار لغة : الاسم من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين: إما إمضاء البيع أو فسخه    الرؤية لغة: إدراك الشيء بحاسة البصر.
خيار الرؤية اصطلاحا  : وهو أن يشتري شيئا " لم يره، فإذا رآه كان بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه .وعند الحنفية: هو أن يشتري ما لم يره، ويرده بخياره.وعند الجعفرية: هو أن يقول: بعتك هذا الثوب الذي في الصندوق مثلا، فيذكر جنسه، وصفته.
2.    صاحب الخيار :  على الراجح هو للمشتري و إن سبب ثبوت هذا الخيار هو عدم الرؤية، كما يدل على ذلك الحديث، واسمه، وتعريفه، وقال آخرون: إن سببه هو الرؤية نفسها، فالإضافة إلى الرؤية هي من إضافة الشيء إلى سببه (ويصح أن تكون من إضافة الشيء إلى شرطه كما ذهب إليه بعض المصنفين) .  ولا ينبني على هذا الاختلاف كبير فائدة.  وقت ثبوت خيار الرؤية هو وقت الرؤية، لا قبلها. وشروط الخيار : التصرفات في المبيع بما يوجب حقا للغير, تغير المبيع بغير فعله, تعيب المبيع في يد المشتري, إجازة أحد الشريكين فيما اشترياه ولم يرياه دون صاحبه. فمجال خيار الرؤية في عقد البيع والبائع غائب, في عقد النكاح, أو في عقد الاستئجار أو غير ذلك.
3.    وأما أنواع خيار الرؤية باعتبار الذات وباعتبار الزمن والمكان, لأن الرؤية تتعلق بذات العين والزمان والمكان.
1.    ينقسم خيار الرؤية باعتبار الذات على أربعة أنواع :
أحدها  خيار الرؤية في جودة المبيع ونوعيته فمثلا إذا اشترى أحد السيارة من البائع فللمشتري أن يرى جودة السيارة بالتفاصيلها حتى لا يقع في الخدعة على المشتري
والثاني خيار الرؤية في العدديات المتفاوتة وهو في رؤية كل واحد منها قبل عقد البيع فإذا وجد الخلل أو العيب في المبيع فللمشتري الخيار إما بالفسخ أو عدمه.
والثالث خيار العدديات وهي التي لا تفاوت فيها فاذا رأى بعضها ورضيه لزمته كلها فمثلا في بيع الفواكه : إذا اشترى أحد صاعا من التمر فإذا رآى بعض التمر ورضيه فسقط خيار الرؤية.
والرابع خيار رؤية الوزني والكيلى فإن رأى بعضا منها ورضيه لزمته جميعها وسقط خياره فمثال ذلك في بيع البرتقال فإن رأى بعضا من البرتقال ورضيه فلا خيار له.
2.    ينقسم أنواع خيار الرؤية باعتبار الزمن على قسمين :
أولا : خيار الرؤية قبل تمام العقد وهو أن يكون للمشتري حق في رؤية المبيع قبل تمام البيع إما بفسخ البيع أو عدم الفسخ. وإن رضي المشتري عيب المبيع فيسقط خيار الرؤية.
وثانيا : خيار الرؤية بعد تمام العقد  وهو أن المشتري وجد عيبا في المبيع ولم يوضحه البائع عند المجلس فتبين عيب المبيع بعد تمام العقد لأن المشتري مخدوع. فهو كخيار العيب تماما.
3.    ينقسم أنواع خيار الرؤية باعتبار المكان علي قسمين :
أولا : خيار الرؤية في المجلس , يعني تم العقد في المجلس بدون رؤية المشتري عند المبيع بسبب التوكيل عند البيع 
ثانيا : خيار الرؤية خارج المجلس, فهذا ما يقع كثيرا  لأن المشتري اشترى شيئا ولم يره عند العقد, وهذا يحدث عند ضعيف عناية واهتمام المشتري عند المبيع. أو اشتراه عبر الهاتف أو الإنترنت فالمشتري قد أرسل جملة من النقود ولما جاء المبيع عند المشتري وحد  صفة المبيع خلاف صفة في الموقع الإنترنت. فللمشتري خيار الرؤية.
4.    فقد اختلف الفقهاء في حكم خيار الرؤية على أقوال: فذهب أبو حنيفة وهو قول لمالك وقول للشافعي في القديم، ورواية عن أحمد إلى جواز بيع الغائب مع ثبوت الخيار للمشتري. وذهب مالك في المشهور عنه و أحمد في أظهر الروايتين عنه إلى أنه لا يجوز إلا بالوصف أو الرؤية المتقدمة.
وذهب الشافعي في الجديد إلى المنع مطلقاً. وقد استدل من ذهب إلى جوازه بعموم قول الله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا [البقرة:275] وبما رواه الطحاوي في معاني الآثار أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالاً بالكوفة، فقال عثمان : لي الخيار، لأني بعت ما لم أر.  وقال طلحة : لي الخيار لأني ابتعت ما لم أر.  فحكما بينهما جبير بن مطعم ، فقضى بالخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنهما. فدل ذلك على ثبوت الخيار للمشتري.
والقول بالجواز مع ثبوت الخيار هو أرجح هذه الأقوال، فعلى هذا فلا حرج إن شاء الله في عقد الصفقات التجارية على الهاتف مع ثبوت الخيار للمشتري بعد رؤية السلعة. والله أعلم.
وبالنسبة إلى اختلافهم في تطبيقاته في خيار الرؤية المعاصرة سنبينها من خلال بحثنا نحو مسألة خيار الرؤية في البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية حكمه وأنواعه وتصوره

5.    بعد أن انتهينا من الفصل الرابع يبين على أن خيار الرؤية له دور هام في  بعض  أحكام البيوع :
المبحث الأول : أن انعدام خيار الرؤية له دور في تحويل بعض البيوع المشروعة إلى البيوع الممنوعة. وله آثار قوية في إثبات صحة البيوع أو عدمه.  والمبحث الثاني : أن خيار الرؤية له دور في نفي الضرر في البيع فيه الغرر اليسير   والمبحث الثالث : أن خيار الرؤية له دور في تسهيل الناس لعقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.  والمبحث الرابع  : أن خيار الرؤية له دور في قطع المعاملات الرباوية والخداعية الفاحشة في البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.
وصلى الله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. والله تعالى أعلم بالصواب.















المفهرس الآيات القرآنية
الرقم    الآية    السورة ورقم الآية
1.        وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ    النحل   (53)
2.        أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ    لقمان   (20)
3.        وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ    النحل   (18)
4.        أحل الله البيع وحرم الربا    البقرة ( 275 )
5.        ما كان لهم الخيرة    القصص: 68
6.        بادي الرأي     هود : 27
7.        لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ    النساء : 29
8.        وابتلوا اليتامى    النساء : 6
9.        يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ    النساء : 29
10.        مايريد الله ليجعل عليكم من حرج    المآئدة : 6


المفهرس الأحاديث النبوية
الرقم    متن الحديث    الصفحة
1)        إن الحلال بين وإن الحرام بين    8
2)        المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا، أو يكون البيع خيارا    8
3)        المسلمون عند شروطهم    11,20
4)        من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه    19
5)        نهى عن بيع الغرر    19
6)        الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير    40
7)        إنما البيع عن تراض    46
8)        نهى النبي صلّى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع     52
9)        دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض    53
10)        أن النبي صلّى الله عليه وسلم باع قَدَحاً وحِلْساً    55
11)        من فرّق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة    57
12)        لايبع أحدكم على بيع أخيه    57
13)        لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك    63
14)        نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن النجْش    63
15)        لايحتكر إلا خاطئ    64
16)        لا يبع بعضكم على بيع بعض    64
17)        لا يبع الرجل على بيع أخيه    65
18)        لا يسُم المسلم على سوم أخيه    65



المفهرس البحث
الموضوع    الصفحة
المقدمة    : فيها التمهيد، أهمية الموضوع, أسباب اختيار الموضوع, منهج البحث, وخطته    1
التمهيد    :    8
الفصل الأول : تعريف خيار الرؤية وعلاقته بالألفاظ ذات الصلة    8
المبحث الأول : تعريف خيار الرؤية لغة       8
المبحث الثاني : تعريف خيار الرؤية اصطلاحا    9
المبحث الثالث : علاقة خيار الرؤية بالألفاظ ذات الصلة    10
المسألة الأولى : علاقة خيار الرؤية بخيار المجلس    10
المسألة الثانية : علاقة خيار الرؤية بخيار الشرط    11
المسألة الثالثة : علاقة خيار الرؤية بخيار العيب    11
الفصل الثاني : خيار الرؤية وصاحبه وسببه ووقته وشروطه ومجالاته وأنواعه    13
المبحث الأول : صاحب خيار الرؤية    13
المبحث الثاني : سبب خيار الرؤية    13
المبحث الثالث : وقت ثبوت خيار الرؤية    14
المبحث الرابع : شروط خيار الرؤية    14
المبحث الخامس : مجالات خيار الرؤية    16
المبحث السادس : أنواع خيار الرؤية    17
الفصل الثالث : خيار الرؤية عند مذاهب الفقهاء واختلافهم في تطبيقاته المعاصرة
المبحث الأول : خيار الرؤية عند الحنفية
المبحث الثاني : خيار الرؤية عند المالكية
المبحث الثالث : خيار الرؤية عند الشافعية
المبحث الرابع : خيار الرؤية عند الحنابلة     18
18
21
25
28
المبحث الخامس : اختلاف الفقهاء في تطبيقات خيار الرؤية المعاصرة
المسألة الأولى : مسألة البيوع عبر الوسائل الإلوكترانية حكمه وأنواعه وتصوره ودور خيار الرؤية فيه    30
30
الفصل الرابع : أنواع البيوع وأحكامه في الفقه الإسلامي
المبحث الأول : أنواع البيوع المشروعة
المبحث الثاني : أنواع البيوع المحرمة    43
43
44
الفصل الخامس  : دور خيار الرؤية في أحكام البيوع في الفقه الإسلامي
المبحث الأول  :  أن انعدام خيار الرؤية له دور في تحويل بعض البيوع المشروعة إلى البيوع الممنوعة. وله آثار قوية في إثبات صحة البيوع أو عدمه
المبحث الثاني  :    أن خيار الرؤية له دور في نفي الضرر في البيع فيه الغرر اليسير 
المبحث الثالث : : أن خيار الرؤية له دور في تسهيل الناس لعقد البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.
المبحث الرابع  : أن خيار الرؤية له دور في قطع المعاملات الرباوية والخداعية الفاحشة في البيوع عبر الوسائل الإلوكترونية.     65
65
66
66
الخاتمة ونتائج البحث     69
المفهرس الآيات القرآنية    73
المفهرس الأحاديث النبوية    74
المفهرس البحث    75
المراجع والمصادر    78










المراجع والمصادر
القرآن الكريم وتفاسيره
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية , محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ), الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت, الطبعة: الأولى - 1414 هـ
الأحاديث و أصوله
صحيح البخاري مع الفتح - كتاب الجهاد (6/109) محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي, الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه

الفقه وأصوله

الأم للشافعي ص3, لشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (المتوفى: 204هـ), الناشر: دار المعرفة – بيروت, الطبعة: بدون طبعة
سنة النشر: 1410هـ/1990م

المغني لابن قدامة (3/483)، القاهرة، مكتبة القاهرة.

الهداية في شرح بداية المبتدي , علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني، أبو الحسن برهان الدين (المتوفى: 593هـ), المحقق: طلال يوسف, الناشر: دار احياء التراث العربي - بيروت - لبنان ص 34

الفقه على المذاهب الأربعة , عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (المتوفى: 1360هـ), الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان, الطبعة: الثانية، 1424 هـ - 2003 م ص193 ج2

الصنائع (5/138)، القاهرة، المطبعة الجمالية 1910م.

الفتاوى الهندية, لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي, الناشر: دار الفكر, الطبعة: الثانية، 1310 هـ

المجموع (9/177)، القاهرة، مطبعة العاصمة.

كشاف القناع للبهوتي (3/148)، الرياض، مكتبة النصر الحديثة، د. ت.

مبدأ الرضا في العقود لعلي محيي الدين القرداغي، ص(947)، بيروت، دار البشائر 1985م.

الأشباه والنظائر لابن نجيم، ص(93)، القاهرة، مؤسسة الحلبي 1387هـ-1968م.

الموافقات للشاطبي (2/87)، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1975م.

الدسوقي على الشرح الكبير (3/4)، القاهرة، عيسى البابي الحلبي وشركاه

بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد (المتوفى : 1429هـ), فقه النوازل, بكر بن عبد الله أبو زيد بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد (المتوفى : 1429هـ), الناشر : مؤسسة الرسالة, الطبعة : الأولى - 1416 هـ ، 1996 م ج2 ص67

زاد المعاد: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: 1206هـ), الناشر: دار الريان للتراث – القاهرة, الطبعة: الثانية، 1407هـ - 1987م 4 / 265

الرسالات والبحوث والموسوعات

المعاملات الشرعية للشيخ أحمد إبراهيم ص110، ومختصر المعاملات الشرعية للشيخ علي الخفيف ص152.


الخيارات في العقود في الفقه الإسلامي د.يوسف عبد الفتاح المرصفي – منشورات مجلة البحوث الفقهية المعاصرة   

 الموسوعة الفقهية الكويتية ص 4وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت, عدد الأجزاء: 45 جزءا
الطبعة: (من 1404 - 1427 هـ

نهاية المطلب في دراية المذهب, عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين (المتوفى: 478هـ ) ص 6

مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابن أبي الفضل صالح [203هـ - 266هـ ) , أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) 6/ص 3023

الاتصالات السلكية واللاسلكية في الوطن العربي، بحث مقدم من ميسر حمدون سليمان، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1982م، ص(337).

كيف تعمل الشبكات، لفرانك درفلرولس فريد، ترجمة مركز التعريب والترجمة، ط2، بيروت، الدار العربية للعلوم 1994م، ص(8-9).

ثقافة الكمبيوتر: الوعي والتطبيق والترجمة/ غازي ج. بيتر، قبرص، سلسلة الأبحاث اللغوية، 1987م، ص(125).

مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السادسة، العدد السادس - جدة / مجمع الفقه الإسلامي - 1410هـ-1990م، بحث الدكتور علي محي الدين القرة داغي - ص(929).


كتب اللغة والمعاجم والقواميس

كتاب التعريفات, المؤلف: علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (المتوفى: 816هـ) ,   الناشر: دار الكتب العلمية بيروت –لبنان, ص 102 ج1, الطبعة: الأولى 1403هـ -1983م

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب, المؤلف: عبد القادر بن عمر البغدادي (المتوفى: 1093هـ), تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون, الناشر: مكتبة الخانجي، القاهرة, الطبعة: الرابعة، 1418 هـ - 1997 م

 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير, أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفى: نحو 770هـ) الناشر: المكتبة العلمية - بيروت

الصحاح, زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (المتوفى: 666هـ)
المحقق: يوسف الشيخ محمد, الناشر: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت – صيدا. الطبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999م

 مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817ه), القاموس المحيط ص 1285

أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ ), جمهرة اللغة ص235

  محمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي, معجم لغة الفقهاء 1/202

الدكتور سعدي أبو حبيب ,القاموس الفقهي لغة واصطلاحا, ج1 ص126

 محمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي معجم لغة الفقهاء ج1 ص 202

القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري  ,دستور العلماء جامع العلوم في اصطلاحات الفنون  ص 66 ج2

قاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الرومي الحنفي (المتوفى: 978هـ ), أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء 1/74
 
 الخرشي على مختصر خليل (5/5)، بيروت، دار صادر.
   

 مواقع الإنترنت
  http://kenanaonline.com/users/e-commerce22/posts/158400.
  http://www.feqhweb.com/vb/t8021.html  كتبه أبو باسل محمد محمود محمد يوسف 
  http://www.entej.com/







Tidak ada komentar: