Minggu, 24 Agustus 2014

ألا إن نصر الله قريب

=ألا إن نصر الله قريب
الخطبة الأولى


الحمد لله وعد المؤمنين العز والنصر والتمكين ، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله العفو يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله خير المرسلين المبعوث بالحق المبين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه القادة الميامين والغر المحجلين .
أما بعـد :
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله .. فهي النجاة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
عبـاد الله :
لا ريب أن من أعز مقاصد المؤمنين وأشهى مطالبهم وغاية نفوسهم رؤية دينهم ظاهراً ، وكتاب ربهم مهيمنا ً ، وعلو راية التوحيد ، والفرح بنصر الله تعالى .
نصر الله للمؤمنين حقيقة من حقائق الوجود ، وسنة باقية من سنن الله ، وقد يؤخر النصر لحكمة يريدها الله .. فتظهر بادي الرأي هزيمة ، وقد يهزم الحق في معركة ويظهر الباطل في مرحلة .. وكلها في منطق القرآن صور للنصر تخفى حكمتها على البشر ، والمؤمنون غير مطالبين بنتائج .. إنما هم مطالبون بالسير على نهج القرآن وأوامره ، والنصر بعد ذلك من أمر الله يصنع فيه ما يشاء (( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً إن الله سميع عليم )) .
قد يبطئ النصر ؛ لأن بناء الأمة لم ينضج ولم يشتد ساعده ؛ ولأن البيئة لم تتهيأ لاستقباله، ويتأخر النصر لتزيد الأمة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتبذل ولا تجد لها سنداً إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء ، وقد يبطئ النصر لتتجرد الأمة في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته .
أما الباطل فمهما استعلى فهو طارئ وزاهق ، ولا بد من هزيمته أمام الحق ، قال تعالى:   ((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً )) ، (( فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )) ، ولكن حكمة الله اقتضت أن يوجد الباطل لاختبار أوليائه وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً ، وإلا لو شاء الله عز وجل لم يكن هناك كفر ولا باطل ، قال تعالى : (( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض )) .
لا تعلم الأمة متى وكيف يتحقق النصر .. فجنود الله التي ينصر بها أولياءه كثيرون ؛ ففي غزوة بني النضير كان الرعب جندياً من جنود الله ، وفي غزوة بدر كانت الملائكة والنعاس والمطر والحصى من جنود الله، وكانت الريح والعنكبوت وغير ذلك من جنود الله ، وصدق الله : (( وما يعلم جنود ربك إلا هو ، وما هي إلا ذكرى للبشر )) .
روى مسلم في صحيحه عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : (( كنا عند حذيفة فقال رجل : لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت – كأنه يستقل بلاء الصحابة وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - . فقال حذيفة : أنت كنت تفعل ذلك ، لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب (غزوة الخندق) وأخذتنا ريح شديدة وقر ، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (( ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة . فسكتنا فلم يجبه أحد . ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة . فسكتنا فلم يجبه منا أحد . فقال : قم يا حذيفةُ فاتني بخبر القوم . فلم أجد بداً إذ دعاني باسمي أن أقوم )) .
لقد كان ترددُ القوم بسبب ما كانوا عليه من بردٍ وجوعٍ وخوفٍ ، فقد كان الحصار الذي استمر نحو شهر قد أوهن القوى ، وأنهك الأحشاء ، وكانت الظلمة في تلك الليلة مطبقة ، والريحُ شديدةً باردة ، والخوف أخذ بتلابيب القوم (( إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً )) .
في هذه الأجواء المشحونة والأحوال المدلهمة ؛ ينصر الله جنده في لحظات من حيث لم يحتسبوا ، ويرسل الله ريحاً تفرق جمع الأحزاب ، وتغير موازين المعركة ((وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً)) .
قد يتوهم بعض المسلمين أن الله سينصرهم ما داموا مسلمين مهما يكن حالهم ، ومهما تكن حقيقة أعمالهم ، لقد قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) .. ولم يقل: ما دمتم مؤمنين فسأنصركم وأثبت أقدامكم مهما تكن أحوالكم وأوضاعكم وأعمالكم !
لقد هزم المؤمنون وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة أحد حين عصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهزم أغلبهم يوم حنين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أعجبتهم كثرتهم ، وقال بعضهم : لن نغلب اليوم من قلة .
فكيف ينصر الله من لا ينصره لمجرد دعواه أنه مؤمن ؟!
كيف ينصر الله من يعصيه ولا يقوم بواجبه .
يقول عمر رضي الله عنه : (( إننا لا ننتصر على عدونا بعدد ولا عدة ، وإنما ننتصر بطاعتنا لله ومعصيتهم له .. فإن عصينا الله فقد استوينا وإياهم في المعصية ، وكان لهم الفضل علينا )) .
لله تعالى سنن لا تتغير يحكم بها الكون والحياة والإنسان .. منها متطلبات النصر ومسببات الهزيمة ، والحكمة من وراء هذه السنن أن تظهر خبايا النفوس وتبرز معادن الناس من خلال واقع منظور لا من خلال أقوال وأمنيات .. فتتميز الصفوف ، وتتمحص النفوس ، ويُعلم المؤمنون الصابرون ؛ فينصرهم الله .
إن النصر شرف ولن يتنزل    على قلوب قاسية غافلة ونفوس مريضة وأحوال مغشوشة في أمة تشعبت بها السبل وتجارت بها الأهواء وتعمقت في أخوتها الخلافات وتلوثت بسوء الظن . 
ولهذا فمن أولى متطلبات النصر  : ترسيخ العقيدة وغرس الإيمان ؛ لأن الإيمان الصادق يزكي النفوس ، ويطهر القلوب؛ فتصلح الحال ، ويكتب الله النصر والتمكين للمؤمنين ؛ لأن أسباب النصر داخلية في القلوب والنفوس ، قال تعالى : (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) .
والتأريخ يحكي لنا أحوال أقوام من أهل الإيمان جياع حفاة قلة صدقوا مع الله ، وتخلصوا من حظوظ أنفسهم ؛ فنصرهم الله ومكّن لهم، قال تعالى : (( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم )) .
من أسباب النصر : الإخلاص ؛ فالمخلص مؤيد من الله ، مكفى به سبحانه (( أليس الله بكاف عبده  ))، وعلى قدر إخلاص المرء لربه ، وتجرده له يكون مدد الله تعالى وعونه وكفايته وولايته .. إن الإمداد على قدر الاستعداد .. إمداد الله بالنصر والتأييد أو بالتوفيق والتسديد على حسب ما في القلوب من تجريد النية ، وصفاء الطوية (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذا يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً )) .
ومن أسباب النصر : نصرة دين الله والقيام به قولاً ، وعملاً ، واعتقاداً ، ودعوة .. مع إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، قال تعالى :  ((ولينصرن الله من ينصُرُه إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)) .
من متطلبات النصر التجمل بالصبر هذا ما نستفيده من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( يا أبا جندل اصبر واحتسب ؛ فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً )) أخرجه الإمام أحمد .
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس قال : (( وأن النصر مع الصبر )) أخرجه الإمام أحمد ، وفي ختام عدد من السور المكية أوصى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر (( واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين )) .
من أسباب النصر : الاعتماد على القوي الذي لا يغلب .. يفوض إليه أمره .. يثق في وعده .. فلا يخاف من أعداء الله .
ذلك أن النصر من عند الله والعزة كلها لله ، ومن أراد النصر فليطلبه من الله ، ومن أراد العزة فليعتز بالله .. ففي غزوة حنين رأى المؤمنون أنفسهم في كثرة ، فقال بعضهم :   " لن نغلب اليوم من قلة " ، وكأنما ألهتهم كثرتهم عن حقيقة القوة والنصر .. فوكلهم الله إلى كثرتهم التي أعجبتهم فلم تغن عنهم شيئاً .. قال تعالى : (( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذَّب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين )) .
الدعاء أهم أسلحة النصر .. لما صنع نوح السفينة ؛ لجأ إلى الله واحتمى بحماه ولم يركن إلى الأسباب وحدها ، فتوجه إلى الله بالدعاء لعلمه أن الدعاء يستمطر سحائب النصر، وسجّل لنا القرآن الكريم صيغ الدعاء التي دعا بها نوح ربه ، وكيف أن الله استجاب له على الفور ، يقول الله تعالى : (( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً * رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً )) .
ويقول تعالى : (( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر )) .
ومن أسباب النصر : إكرام ورعاية الضعفاء .. فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم )) أخرجه البخاري ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ابغوني ضعفائكم .. فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم )) أخرجه الترمذي ، وفي الحديث : (( إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها .. بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم)) أخرجه النسائي .
من أسباب النصر : إدراك حقيقة الدنيا ، وقلة متاعها ، وفناء نعيمها ، وإدراك قيمة الآخرة وما فيها من نعيم مقيم وسعادة دائمة .
ومن أسباب النصر : الثبات وكثرة ذكر الله .. والاتحاد والاجتماع وعدم التنازع والاختلاف ، قال تعالى: (( يا أيها الذين إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ))
إعداد القوة المادية والمعنوية من أسباب النصر ، قال تعالى : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ....
الخطبة الثانية


الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى , أحمده سبحانه وأشكره في السر والنجوى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة إلى يوم الدين .
أما بعـد :
فاتقوا الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، (( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة  في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) .
في الأجواء القاتمة في تأريخ الأمة تحتاج إلى وميض من نور وبشارة أمل .. تبشر بمستقبل مشرق .. وهذا منهج القرآن .. فحين كان يعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلة العدد ، وضعف الشأن ، وخذلان العشيرة ؛ قصَّ الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قصة يوسف .. نزلت هذه السورة في جو مكة الثقيل ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمستقبله العظيم المشرق الزاهر.. فكأن قصة يوسف قصته .
لذا فمن أسباب النصر : زرع الأمل بالتبشير بالوعد الحق ، وهو نصر المؤمنين وتمكينهم ؛ كيلا يتسرب اليأس إلى النفوس .. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر العصبة المؤمنة بالنصر والتمكين وهم تحت وطأة التعذيب ، و يقول : (( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها )) أخرجه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه.. بشرهم بأن المستقبل لهذا الدين ، وأن هذا الإسلام ستفتح له البيوت كلها .. فقال  : ((  ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل الله به الكفر )) أخرجه الإمام أحمد من حديث تميم الدراي رضي الله عنه .. دين الله سيعلو ، ونوره سيملأ الآفاق   (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )) فمن ذا يقدر أن يطفئ نور الله ؟! ومن يستطيع أن يحارب الله ؟!
بالمقاييس المادية يظن الناظر إلى أحوال المسلمين أنها سوداء قاتمة، وفي موازين الإيمان مبشرة مطمئنة ؛ فكلما اشتدت المحن قرب انبلاج الفجر وتحقق المنح .
لا يدري المسلم متى النصر إلا أننا نعلم أن الأصل في الإسلام العلو والسيادة والتمكين.. فلا نستيئس من ضعف المسلمين حيناً من الدهر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإسلام يعلو ولا يعلى )) أخرجه الإمام أحمد .
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم باستمرار زيادة الإسلام : (( ولا يزال الإسلام يزيد ، وينقص الشرك وأهله حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جورا والذي نفسي بيده لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم )) .
إنها بشريات تذيب كل يأس ، وتدفع كل قنوط ، وتثبت كل صاحب محنة ، وتريح قلب كل فاقد للأمل من أبناء هذا الدين .. قال صلى الله عليه وسلم: (( بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض)) أخرجه أحمد من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه .
هذا وعد الله ، ووعد الله لا يخلف .. لكنها مسألة التوقيت المقدور ، والأجل المحدود ؛ ولئن مرت الأمة بفترات ضعف فلا ننسى أنها تقادير الله الذي يقدر على إعادة عز ضاع واسترجاع سيادة مضت .
ألا وصلوا وسلموا _ عباد الله _ على رسول الهدى ...



Tidak ada komentar: