Minggu, 24 Agustus 2014

الأمـــــــــن

=الأمـــــــــن
الخطبة الأولى
الحمد لله القائل : (( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وآمناً )) ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه وآلائه العظمى ، وأشهد ألا إله إلا الله القائل : (( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف )) ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي بقوله إذا رأى الهلال : ((اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله )) ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

أما بعد :
فاتقوا الله تعالى بفعل طاعته ، والبعد عن معصيته ، وشكره سبحانه على سعة فضله وسابغ نعمته والمسارعة إلى مغفرته وجنته ، فإن في ذلكم الخير والصلاح والهدى والفلاح .
تتوالى حلقات سلسلة من الأحداث في بلاد الحرمين الشريفين ، يذهل المسلم لها ويتملكه العجب بل ويحار القلم وتعجز الكلمات من هول ما يرى ويسمع وحين تبلغ الأحداث بلد الله الحرام وبيته الأمين الذي جعله الله مثابةً للناس وآمناً فالأمر أشد وأنكى . 
إن ما حدث في مكة والمدينة والرياض من حوادث مؤلمة وحشد لوسائل القتل والتدمير أمر لا يتردد الإنسان لحظة في تحريمه وأنه كبيرة من الكبائر وليس له ما يبرره شرعاً ولا عقلاً ، قال تعالى :   (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً )) .
إن من يريد مجرد إرادة الإفساد في الحرم ، تعد معصية ، فكيف بالإفساد نفسه ، قال تعالى :    (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذابٍ أليم )) ، هذه الفئة أسقطت من قاموسها تعظيم شعائر الله وعظمة بيته الحرام وسكانه الكرام التي حفظها الله منذ خلق السماوات والأرض .
الإسلام لا يقر كل أشكال العنف والعدوان ومن يرتكب هذه الأعمال في بيت الله الحرام ويستبيح حرمته ويقتل رجال الأمن والمواطنين ، ويسفك دماء الأبرياء بلا رحمة تحت أي مسوغ ، فهو مفسد في الأرض وهذا عبث بأمن البلاد وعمل مشين يبوء صاحبه بإثم كبير .
إن هذه الانحرافات من هذه الفئة النشاز تستمد أفعالها من منهجية منحرفة ، ضالة غير سوية ونبته غريبة لن تجد ملاذاً في هذه البلاد ولن تنموا على أرض الطهر والإيمان .
إن هذه الأفعال المشينة تقذف بالأمة في أتون المشكلات والمصائب ، ومن ذلك الغلو الاعتقادي الذي من سماته التكفير وهذا أخطر أنواع الغلو لأنه المحور الذي تشعبت عنه الفرق المختلفة في الإسلام وظهرت عندها الأهواء واختلفت القلوب والعقول ثم سُلَّت السيوف فسالت الدماء . وقد ابتليت الأمة بهذا كما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : (( يضيع هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه )) .
إن هذه الأحداث التي حدثت في مكة مهبط الوحي ومنبع الرسالة مؤلمة مزعجة ومنذرة بخطر عظيم ، محدق بالأمة لا يعلم عاقبتها إلا الله ولا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وأعداء دينها .
الأمن مطلب شرعي قال تعالى : (( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من  خوف)) ، والمحافظة عليه مسؤولية الجميع حكاماً ومحكومين رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً ، فبالأمن تعمر المساجد وتقام الصلوات وتحفظ الأعراض والأموال وتؤمن السبل وينشر الخير وتقام الحدود ، وتنتشر الدعوة وتطبق الشريعة وإذا اختل الأمن كانت الفوضى وحكم اللصوص وقطاع الطريق ، فلنكن كلنا جنوداً لحفظ الأمن .
إن هذه الأعمال التخريبية التي استهدفت الآمنين مخالفه لأحكام الشريعة والتي جاءت بعصمة دماء المسلمين والمعاهدين فكيف إذا كان هذا الفعل في بلد مسلم آمن بل هو إشعاع الرسالة والنور الذي أشرقت به جنبات الأرض كلها ، كيف إذا كان في بلد الدعوة والدعاة لا شك أن ذلك أشد حرمة بإجماع علماء المسلمين الراسخين فضلاً عما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس والأموال المعصومة وهتك لحرمة الآمنين المطمئنين في مساكنهم وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ، ما حدث في مكة ومثيلها من مدن بلاد الحرمين من ترويع لمؤلم حقاً ، ولا يوافق عليه لا شرعاً ولا عقلاً فكم من نفوس مسلمة بريئة أزهقت وكم من أموال وممتلكات أتلفت وكم من نفوسٍ مؤمنة آمنة روّعت ، قال تعالى : (( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعده له جهنم وساءت مصيراً )) .
إن هذه الأعمال ليست من الإسلام في شيء فقد حفظ الدين الحقوق لأهلها ، وحفظ للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم وحرم انتهاكها ، في خطبة الوداع يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ  )) أخرجه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ )) .أخرجه مسلم .
 نظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة فقال : ما أعظمك ، وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة منك . أخرجه الترمذي . وعن بريده عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا )) أخرجه النسائي .
حفظ الإسلام لغير المسلمين حقوقهم فقال تعالى في حق الكافر الذي له ذمة ، في حكـم قتل الخطأ : ((وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة )) .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا )) . رواه البخاري . وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهداً .
وفي هذه الأعمال المشينة الخروج على جماعة المسلمين وأولي الأمر منهم الذين أمر الله بطاعتهم وجعل طاعتهم طاعة له قال تعالى :  ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً )) .
وبهذه التصرفات غير الرشيدة ، اتبعوا غير سبيل المؤمنين وأراقوا الدماء المعصومة وتسببوا في سفكها .
وقد ذكر الله تعالى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق بين جريمتي الشرك والزنا ، وتوعد عليها بمضاعفة العذاب والخلود فيه مهاناً ، كما قال تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )) .
وفي هذه الأحداث حمل السلاح على المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا )) أخرجه البخاري . ويتأكد هذا في البلد الحرام الذي جعله الله آمناً لا ينفر صيده ولا يختلى خلاه ولا يعضد شوكه ، فكيف بإراقة الدماء المعصومة وإزهاق الأرواح المسلمة .
وفي هذا العمل ذريعة لأهل الكفر للنيل من المسلمين ومعتقداتهم ومؤسساتهم الخيرية ، كما أنه صد عن سبيل الله بالتسبب في منع بلوغ الدين إلى البشرية الحائرة عن طريق المؤسسات الدعوية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين ، قال تعالى : (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم )) .
إننا ندين هذه الأعمال ويستنكرها كل مسلم وعاقل ، ناهيك عن العلماء وطلبة العلم ، لأن المجتمع كله بكل فئاته في خندق واحد وسفينة واحدة ، والخرق فيها يفضي إلى غرق المجتمع ويجرنا إلى دوامة من العنف لا يعلم نهايتها إلا الله ، وانفلات الأمن أسهل بكثير من إمكانية ضبطه وإعادته ، وتماسك المجتمع وبقاؤه تحت راية واحدة مصدر للقوة والمنعة .
وعلى الجميع أن يحسوا بواجبهم الشرعي والوطني لرأب الصدع في البنيان ومعظم النار من مستصغر الشرر ، وإن فتناً عظيمة في أمم ماضية ودول حاضره كان أولها شراره يسيره تساهل أولو العلم والرأي في إطفائها فألهبت الأرض جحيماً لا ينطفئ ودماً لا ينقطع  وفتنة تدع الحليم حيراناً . أمن الفرد جزء من أمن مجتمعه ، وتوطيد الأمن يستلزم أن يؤدي كل فرد مسؤولية في حفظ الأمن ، قال صلى الله عليه وسلم: (( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته )) ، وإن أمن بلاد الحرمين أمن لكل مسلم من ساكنٍ ومقيم وحاج ومعتمر . والمزايدة عليه عبث مرفوض وسلوك ساقط .
كان صلى الله عليه وسلم القدوة في حفظ الأمن والسهر على سلامة المجتمع ، فإن أهل المدينة فزعوا في إحدى الليالي على صوت دوى في جنباتها فانطلق صوب الصوت واستبرأ الخبر وهو يقول لهم : (( لن تراعوا... )) أي لا تخافوا .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ......

الخطبة الثانية

الحمد لله مالك الملك له الحمد في السماوات وفي الأرض ، وفي الأولى وفي الآخرة ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه العظيمة وعطاياه الكريمة وآلائه الجسيمة ، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له الملك العزيز ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله ومصطفاه وخليله وخيرته من خلقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى والدين .

أما بعد :
فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى .
إن العالم الإسلامي مستهدف وهذه البلاد خاصة مستهدفة في دينها وأمنها ووحدتها وخيراتها والواجب علينا تفويت الفرصة على المتربصين والمحافظة على مكتسبات الوطن والتعامل مع الأحداث بالشرع والعقل .
وإن الواجب على العلماء والدعاة والمربين بيان الحق للشباب وإنارة الطريق لهم وتوعية الشباب وتبصيرهم بالشبهات والفتن ؛ كي لا يكونوا صدى لمخططات الأعداء ينفثون من خلالهم حقدهم الدفين ويوظفونهم من حيث لا يشعرون لتسويق مؤامراتهم .
أما التعصب الأعمى والبعد عن العلماء وعدم الأخذ عنهم وإثارة البلبلة بين الصفوف فذلك مدعاة لهلكة الأمة وتسلط أعدائها عليها .
مع الحذر من المناهج المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة ومناهج الغلو أو الجفاء ومناهج الإفراط أو التفريط (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون )) .
لا بد من تماسك الصف مع وضع أيدينا بأيدي ولاة أمرنا وعلمائنا . إن هذه البلاد قامت على أسس راسخة ومبادئ ثابتة ومنهج إسلامي ومن يروم تقويضه أو زعزعته بمسالك العنف والتفجير فلن يبلغ مراده فبلاد الحرمين كيان راسخ في بنيانه .. متماسك في وحدته .. متراص في صفوفه، تنكسر دونه مسارب الانحراف والتصرفات اللامسؤوله ، ولن تبلغ هذه الفئة أو غيرها من النيل من ثوابتنا وأمننا وقيمنا .
إن هذه البلاد تمثل مركز الثقل وإشعاع الخير في العالم وستبقى كذلك بإذن الله والمرجون للفساد والإفساد يدمرون الأمة ويضربونها في عقر دارها ، وستعود أعمالهم وبالاً عليهم يجرون أذيال الخيبة والهزيمة .
قال تعالى : (( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون )) .

ألا وصلوا عباد الله على رسول الهدى .......

Tidak ada komentar: